كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ أَنَسٌ -رضي اللَّه عنه-: فنَادَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَالَ المُهاجِرِينَ! يَالَ المُهاجِرِينَ"، ثُمَّ قَالَ: "يَالَ الأَنْصَارِ! يَالَ الأَنْصَارِ" (¬1).
فَلَمَّا سَمِعَ المُسْلِمُونَ نِدَاءَ العَبَّاسِ -رضي اللَّه عنه-، أَقْبَلُوا، وَهُمْ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ.
وَيَذْهبُ الرَّجُلُ لِيُثْنِيَ بَعِيرَهُ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَأْخُذُ دِرعَهُ، فَيَقْذِفُهَا فِي عُنُقِهِ، ويَأْخُذُ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ، وَيَقْتَحِمُ عَنْ بَعِيرِهِ، ويُخَلِّي سَبِيلَهُ، فَيَؤُمُّ (¬2) الصَّوْتَ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3).
قَالَ العَبَّاسُ -رضي اللَّه عنه-: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ (¬4)، حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي، عَطْفَةُ البَقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا (¬5).
لَقَدْ هَتَفَ العَبَّاسُ -رضي اللَّه عنه- بِأَصْحَابِ العَقَائِدِ، وَرِجَالِ الفِدَاءِ عِنْدَ الصِّدَامِ فَهُمْ وَحدَهُمْ الذِينَ تَنْجَحُ بِهِمُ الرِّسَالَاتُ وَتُفْرَجُ الكُرُوبُ، أَمَّا هَذَا الغُثَاءُ مِنَ العَوَامِّ
¬__________
= الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان، ومعناه: ناد أهل بيعة الرضوان يوم الحديبية.
(¬1) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الزكاة - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام - رقم الحديث (1059) (136).
(¬2) أَم: بفتح الهمزة: أي قصد. انظر النهاية (1/ 70).
(¬3) انظر سيرة ابن هشام (4/ 95).
(¬4) عطف عليه: رجع عليه. انظر لسان العرب (9/ 268).
(¬5) أخرج ذلك مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب في غزوة حنين - رقم الحديث (1775) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (1775) - وابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مناقب أصحابه - باب ذكر العباس -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (7049).
الصفحة 126