كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

سَرِيرٍ مُرمِلٍ (¬1)، وَعَلْيِه فِرَاشٌ، وَقَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرتَهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ، وقُلْتُ له: قَالَ: قُلْ له يَسْتَغْفِر لِي، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَاءٍ فتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعبيْدٍ، أَبِي عَامِرٍ" حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ! اجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ مِنَ النَّاسِ"، فَقُلْتُ: وَلي يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَاسْتَغْفِرْ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا" (¬2).

* قِصَّةُ سَهْلِ بنِ حُنَيفٍ (¬3) -رضي اللَّه عنه-:
رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ قَالَ: اغْتَسَلَ أَبِي سَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ، فنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عليه يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ هزَمَ اللَّهُ العَدُوَّ، وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ، حَسَنَ الجِسْمِ وَالجِلْدِ، إِلَيْهِ عَامِرُ بنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بنِ كَعْبٍ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ قَطُّ، وَلَا جَارِيَةً فِي سِتْرِها بِأَحْسَنَ جَسَدًا مِنْ جَسَدِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ (¬4)،
¬__________
(¬1) مُرْمل: أي معمول بالرمال، وهي حبال الحصر، ولم يكن على السرير وِطاء سوى الحصير. انظر فتح الباري (8/ 363) - النهاية (2/ 241).
(¬2) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة أوطاس - رقم الحديث (4323) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعري رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا - رقم الحديث (2498).
(¬3) حُنيف: بضم الحاء.
(¬4) في رواية ابن حبان في صحيحه: ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء.

الصفحة 137