كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
رَأَتْهُمْ ثَقِيفٌ، أَلْقَتْ عَلَيْهِمْ قِطَعًا مِنْ حَدِيدٍ مُحَمَّاةً بِالنَّارِ، فَأَحْرَقَتِ "الدَّبَابَةَ" فَخَرَجُوا مِنْ تَحْتِهَا، فَرَمُوهُمْ بِالنِّبَالِ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ رِجَالًا.
ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِقَطْعِ أَعْنَابِ ثَقِيفٍ وَتَحْرِيقِهَا، فَقَطَعَها الْمُسْلِمُونَ قَطْعًا ذَرِيعًا، فَسَأَلَتْ ثَقِيفٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَدَعَها للَّهِ وَالرَّحِمِ، فَقَالُوا لَهُ: لِمَ تَقْطَعُ أَمْوَالَنَا؟ إِمَّا أَنْ تَأْخُذَهَا إِنْ ظَهَرْتَ عَلَيْنَا، وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا للَّهِ وَالرَّحِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِنِّي أَدَعُهَا للَّهِ وَالرَّحِمِ" (¬1).
* إِسْلَامُ عَبِيدٍ مِنَ الطَّائِفِ:
ثُمَّ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَيُّمَا عَبْدٍ نَزَلَ مِنَ الْحِصْنِ وَخَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ حُرٌّ! فَنَزَلَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا، فِيهِمْ: نُفَيْعُ بْنُ مَسْرُوحٍ، تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ وَتَدَلَّى بِبَكْرَةٍ مُسْتَدِيرَةٍ، يُسْتَقَى عَلَيْهَا الْمَاءَ، فكَنَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَبَا بَكْرَةَ، فَأَسْلَمَ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ، فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا أَسْلَمَتْ ثَقِيفٌ بَعْدَ ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِم أَبَا بَكْرَةَ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: "هُوَ طَلِيقُ اللَّهِ وَطَلِيقُ رَسُولِهِ"، وإنَ مَوْلى لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2).
¬__________
(¬1) انظر تفاصيل ذلك: في سيرة ابن هشام (4/ 135) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 329).
(¬2) أخرج ذلك الإمام البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الطائف - رقم الحديث (4326) (4327) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2229) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (4273).
الصفحة 145