كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَتَى بِثَقِيفٍ مُسْلِمِينَ، قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ الْجِعرَانَةِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوُفُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
* إِسْلَامُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ الْجُعْشُمِيِّ:
غَادَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الطَّائِفَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْجِعْرَانَةِ، وَفِي الطَّرِيقِ لَقِيَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْجُعْشُمِيُّ، فَدَخَلَ فِي كَتِيبَةٍ مِنْ خَيْلِ الْأَنْصَارِ، فَجَعَلُوا يَقْرَعُونَهُ بِالرِّمَاحِ وَيَقُولُونَ: إِلَيْكَ إِلَيْكَ، مَاذَا تُرِيدُ؟
قَالَ سُرَاقَةُ: فَدَنَوْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سَاقِهِ فِي غَرْزِهِ (¬1) كَأَنَّهَا جِمَارَةٌ (¬2)، قَالَ: فَرَفَعْتُ يَدِي بِالْكِتَابِ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا كِتَابُكَ لِي (¬3)، أَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَوْمُ وَفَاءٍ وَبرٍّ، ادْنُهْ".
قَالَ سُرَاقَةُ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ تَذَكَّرتُ شَيْئًا أَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْهُ فَمَا أَذْكُرُهُ، إِلَّا أَنِّي قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الضَّالَّةُ مِنَ الْإِبِلِ تَغْشَى حِيَاضِي،
¬__________
(¬1) الْغَرْزُ: رِكَابُ كُورِ الْجَمَلِ إذا كان من جلد أو خشب، وقيل: هو الكُورُ مطلقًا. انظر النهاية (3/ 322).
(¬2) الْجِمَارَةُ: قَلْبُ النَّخْلَةِ، شَبَّة سَاقَهُ بِبَيَاضِهَا. انظر النهاية (1/ 283).
(¬3) هذا الكتاب هو كتاب الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي أعطاه سراقة يوم الهجرة، وهو كتابُ أماني من رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لسراقة إن لم يخبر أحدًا بطريق رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الهجرة، وقد فعل -رضي اللَّه عنه-.
الصفحة 147