كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

وَقَدْ مَلأْتُهَا لِإِبِلِي، هَلْ لِي مِنْ أَجْر فِي أَنْ أَسْقِيَها؟ .
قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ، فِي كلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حَرَّى (¬1) أَجْرٌ".
قَالَ سُرَاقَةُ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي، فَسُقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَدَقَتِي (¬2).

* قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ بِالْجِعْرَانَةِ:
ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْجِعْرَانَةَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِخَمسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، فَنَزَلَ بِهَا، وَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَة لَا يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ، يَبْتَغِي أَنْ يَقْدُمَ عَلَيْهِ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَيَحْرِزُوا (¬3) مَا أُصِيبَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا لَمْ يَجِئْهُ أَحَدٌ أَمَرَ بِتَقْسِيمِ الْغَنَائِمِ.

* الْبَدْءُ بِالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (¬4) وَهُمْ سَادَاتُ الْعَرَبِ:
أَوَّلُ مَنْ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْغَنَائِمِ هُمْ سَادَاتُ الْعَرَبِ، يَتَأَلَّفُهُمْ إِلَى
¬__________
(¬1) كَبِدٍ حَرَّى: أي عَطْشَى، يريد أنها لشدة حرِّها قد عَطِشت ويبست من العطش، والمعنى أن في سقي كل ذي كبدٍ حَرَّى أجرًا. انظر النهاية (1/ 350).
(¬2) أخرج ذلك الإمام احمد في مسنده - رقم الحديث (17581) - وابن حبان في صحيحه - كتاب البر والإحسان - باب البر والإحسان - رقم الحديث (542) - وابن إسحاق في السيرة (2/ 104) - وإسناده صحيح.
(¬3) يقَال: أَحْرَزْتُ الشيءَ: إذا حَفِظْتُهُ وضَمَمْتُهُ إليكَ، وصُنْتُهُ عنِ الأَخْذِ. انظر النهاية (1/ 352).
(¬4) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 370): المراد بالمؤلفة ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلامًا ضعيفًا؛ ولم يتمكن الإسلام من قلوبهم.

الصفحة 148