كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- آخَرِينَ خَمْسِينَ خَمْسِينَ، وَأَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى شَاعَ فِي النَّاسِ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخْشَى الْفقْرَ، فَازْدَحَمَتْ عَلَيْهِ الْأَعْرَابُ يَطْلُبُونَ الْمَالَ حَتَّى اضْطَرُوهُ إِلَى سَمُرَةٍ (¬1)، فَخَطِفَتْ (¬2) رِداؤُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: "أَعْطُوني رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ (¬3) نَعَمًا (¬4) لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا كَذُوبًا، وَلَا جَبَانًا" (¬5).

* فَوَائِدُ الحَدِيثِ:
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ:
1 - ذَمُّ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ الْبُخْلُ وَالْكَذِبُ وَالْجُبْنُ.
2 - أَنَّ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَصلُحُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خَصْلَةٍ مِنْهَا.
3 - وَفِيهِ مَا كَانَ فِي النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- منَ الْحِلْمِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَسَعَةِ الْجُودِ وَالصَّبْرِ عَلَى جُفَاةِ الْأعرَابِ.
¬__________
(¬1) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (6/ 386): السَّمُرَةُ: بفتح السين وضم الميم: شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ قَلِيلَةُ الظِّلِّ صَغِيرَةُ الْوَرَقِ.
(¬2) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (6/ 118): فَخَطِفَتْ: بكسر الطاء.
(¬3) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (6/ 118): الْعِضَاهُ: بكسر العين، هو شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ.
(¬4) النَّعَمُ: بفتح النون والعين: هي الْإِبِلُ والشَّاءُ. انظر لسان العرب (14/ 212).
(¬5) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب الشجاعة في الحرب والجبن - رقم الحديث (2821) - وأخرجه في كتاب فرض الخمس - باب ما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعطي المؤلفة قلوبهم - رقم الحديث (3148) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (16756).

الصفحة 153