* قِصَّةٌ أُخْرَى:
رَوَى الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلال، فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: أَلَا تُنْجِز لِي مَا وَعدتَنِي؟ (¬2).
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَبْشِرْ".
فَقَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِر.
فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلَالٍ كَهيْئَةِ الْغَضْبَانِ فَقَالَ: "رَدَّ الْبُشْرَى فَاقْبَلَا أَنْتُمَا".
قَالَا: قَبِلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ
¬__________
(¬1) أخرج ذلك مسلم في صحيحه - كتاب الفضائل - باب ما سئل رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا قط، فقال: "لا" - رقم الحديث (2312) (58) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب السير - باب الخلافة والإمارة - رقم الحديث (4502) (6374).
(¬2) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 368): يحتمل أن الوعد كان خاصًا به، ويحتمل أن يكون عامًا، وكان طلبه أن يعجل له نصيبه من الغنيمة، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أمران تجمع غنائم حنين بالجعرانة، وتوجه هو بالعساكر إلى الطائف -كما تقدم- فلما رجع منها قسم الغنائم حينئذ بالجعرانة، فلهذا وقع في كثير ممن كان حديث عهد بالإسلام استبطاء الغنيمة واستنجاز قسمتها.