كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
وَخَسِرتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ".
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَقْتُلُ هَذَا الْمُنَافِقَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَؤُونَ الْقُرآنَ، لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُم، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ" (¬1).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا، دَعُوهُ، فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ شِيعَةٌ (¬2) يَتَعَمَّقُونَ (¬3) فِي الدِّينِ، حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهُ، كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ (¬4)، يَنْظُر فِي النَّصلِ (¬5)، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ فِي الْقِدْحِ (¬6) فَلَا يُوجَدُ شَيْء، ثُمَّ فِي. . . . .
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الزكاة - باب ذكر الخوارج وصفاتهم - رقم الحديث (1063) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (14804).
(¬2) الشِّيعَةُ: أي الْأَنْصَارُ. انظر النهاية (2/ 464).
(¬3) الْمُتَعَمِّقُ: الْمُبَالِغُ في الأمرِ الْمُتَشَدِّدُ فيه، الذي يطلبُ أقصى غَايتِهِ. انظر النهاية (3/ 271).
(¬4) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (7/ 325): شَبَّة مُرُوقَهُم مِنَ الدِّينِ بالسهم الذي يُصيبُ الصَّيْدَ، فيدخل فيه، ويخرج منه، ومِنْ شِدَّةِ سُرعَةِ خُرُوجِهِ -لقوة الرامي- لا يعلقُ مِنْ جَسَدِ الصَّيْدِ شَيْءٌ.
(¬5) النَّصلُ: الْحَدِيدَةُ التي في السَّهْمِ والرُّمْحِ. انظر لسان العرب (14/ 167).
(¬6) الْقِدحُ: بكسر القاف وسكون الدال: عُودُ السَّهمِ قبل أَنْ يُرَاشَ ويُنْصَلَ. انظر لسان العرب (11/ 51).
الصفحة 158