كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَليْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً؟
قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلَمْ يَبْلُغْكَ مَا صَنَعُوا بِبَنِي كَعْبٍ؟ ".
وَلَمْ يُسَمِّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِلنَّاسِ الجِهَةَ التِي يَقْصِدُهَا، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ سَائِرٌ إِلَى مَكَّةَ، وَأَمَرَهُمْ بِالجِدِّ وَالتَّهَيُّؤِ، فتَجَهَّزَ النَّاسُ، وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى أَهْلِ البَادِيَةِ وَمَنْ حَوْلَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ بِأَنْ يَتَجَهَّزُوا مَعَهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ وَافَاهُ بِالمَدِينَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَحِقَهُ بِالطَّرِيقِ كَبَنِي سُلَيْمٍ، فَمِنَ القَبَائِلِ التِي قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِينَةَ: أَسْلَمُ، وَغِفَارٌ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَشْجَعُ، وَجُهَيْنَةُ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَشْرَةُ آلَافِ رَجُلٍ (¬1).

* دُعَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِأَخْذِ العُيُونِ:
وَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَبَّهُ أَنْ يُعْمِيَ عَنْ قُرَيْشٍ خَبَرَهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ! خُذِ العُيُونَ وَالأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَبْغَتَهَا (¬2) فِي بِلَادِهَا" (¬3).
وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالأَنْقَابِ (¬4)، وَأَوْقَفَ عَلَى كُلِّ نَقَبٍ جَمَاعَةً، وَقَالَ
¬__________
(¬1) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 317).
(¬2) البَغْتة: الفجأة. انظر النهاية (1/ 141).
(¬3) أخرج هذا الحديث ابن إسحاق في السيرة (4/ 46) - وأورده ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 677).
(¬4) الأنْقَاب: جمع نقب: وهو الطريق بين الجبلين. انظر النهاية (5/ 89).

الصفحة 17