كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

* نَذْرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-:
أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ (¬1)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي نَذَرتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (¬2) أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَكَيْفَ تَرَى؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اذْهَبْ فَاعْتَكِفْ يَوْمًا".
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ أَعْطَاهُ جَارِيَةً (¬3) مِنَ الْخُمُسِ، فَلَمَّا أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبَايَا النَّاسِ، سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- أَصْوَاتَهُمْ يَقُولُونَ: أَعْتَقَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
فَقَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: مَا هَذَا؟ قَالُوا: أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبَايَا النَّاسِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْجَارِيَةِ فَخَلِّ سَبِيلَهَا (¬4).
¬__________
(¬1) في رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (4320): لما قفلنا -أي رجعنا- من حنين.
(¬2) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (13/ 443): المراد بقول عمر -رضي اللَّه عنه- في الجاهلية: قبل إسلامة، لأن جاهلية كل أحد بحسبه، ووَهِم من قال: الجاهلية في كلامه زمن فترة النبوة، والمراد بها هنا ما قبل بعثة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن هذا يتوقف على النقل، وقد تقدم أنه نذر قبل أن يُسلم، وبين البعثة وإسلامه مدة.
(¬3) في رواية أخرى في مسند الإمام أحمد - رقم الحديث (6418): غلام.
(¬4) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الطائف - رقم الحديث (4320) - كتاب فرض الخمس - باب ما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعطي المؤلفة قلوبهم - رقم =

الصفحة 171