كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
* قُدُومُ وَفْدِ هَوَازِنَ:
وَبَعْدَ أَنْ قُسِمَتِ الْغَنَائِمُ قَدِمَ وَفْدُ هوَازِنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَرَأْسُهُم: زُهيْرُ بْنُ صُردٍ، فبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ، فَمُنَّ عَلَيْنَا، مَنَّ اللَّه عَلَيْكَ، فَإِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَخْفَى عَلَيْكَ، وَقَالَ زُهيْرُ بْنُ صُردٍ، أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ (¬1): يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا فِي الْحَظَائِرِ (¬2) عَمَّاتُكَ وَخَالَاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللَّاتِي كُنَّ يَكْفَلْنَكَ، ثُمَّ سَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِم أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ".
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ (¬3) مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلبنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَهُوَ لَكُمْ، فَإِذَا صَلَّيْتُ الظُّهْرَ، فَقُوُلُوا: إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَبِالْمُؤْمِنِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي نِسَائِنَا وَأَبْنَائِنَا".
¬__________
= الحديث (3144) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الأيمان - باب نذر الكافر، وما يفعل فيه إذا أسلم - رقم الحديث (1656) (28) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (4922) (6418).
(¬1) وهم قوم حليمة السعدية مرضعة رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(¬2) الْحَظِيرَةُ: هي الْمَوْضِعُ الذي يُحَاطُ عليه، ويَقْصِدُ الأسرى. انظر النهاية (1/ 389).
(¬3) قَفَلَ: رَجَعَ. انظر النهاية (4/ 82).
الصفحة 172