كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، قَامُوا فتَكَلَّمُوا بِالذِي أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاؤُوا تَائِبِينَ، وَإنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ".
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَهُوَ لَكُمْ".
وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: مَا كَانَ لَنَا، فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ: أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلبَنِي فزَارَةَ، فَلَا، وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ، فَلَا، وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ، فَلَا، فَقَالَتِ الْحَيَّانِ: كَذَبْتَ، بَلْ هُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، رُدُّوا عَلَيْهِمْ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ، فَمَنْ تَمْسَّكَ بِشَيءٍ مِنَ الْفَيءِ، فَلَهُ عَلَيْنَا سِتَّةُ فَرَائِضٍ (¬1) مِنْ أوّلِ شَيْءٍ يُفِيئُهُ اللَّهُ عَلَيْنَا"، فَرَدَّ النَّاسُ عَلَى هَوَازِنَ جَمِيعَ السَّبْيِ (¬2).
¬__________
(¬1) الفَرَائِضُ: جمع فَرِيضَةٍ، وهو البعير المأخوذ من الزكاة، سُمي فريضة؛ لأنه فرض واجب على رب المال، ثم اتسع فيه حَتَّى سُمي البعيرُ فريضةً في غير الزكاة. انظر النهاية (3/ 387).
(¬2) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قول اللَّه تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} - رقم الحديث (4318) (4319) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (6729) (18914) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (4509) - وابن إسحاق في السيرة (4/ 141).

الصفحة 173