كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

جَامِعِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ مُحَرِّشٍ (¬1) الْكَعْبِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَرَجَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ لَيْلًا مُعْتَمِرًا، فَدَخَلَ مَكَّةَ لَيْلًا، فَقَضَى عُمْرَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَأَصْبَحَ بِالْجِعْرَانَةِ كَبَائِتٍ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْغَدِ، خَرَجَ في بَطْنِ سَرِفٍ (¬2) حَتَّى جَاءَ مَعَ الطَّرِيقِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ خَفِيَتْ عُمْرَتُهُ عَلَى النَّاسِ (¬3).
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنَ الْجِعْرَانَةِ، فَرَمَلُوا (¬4) بِالْبَيْتِ، وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، قَدْ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمُ الْيُسْرَى (¬5).
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ قَتادَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أنَسًا -رضي اللَّه عنه-: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟
قَالَ: أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلّهُنَّ في ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا التِي مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةٌ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، أَوْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ في ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ (¬6) في ذِي
¬__________
(¬1) مُحَرِّش: بضم الميم وتشديد الراء المكسورة.
(¬2) سَرِف: بفتح السين وكسر الراء: موضع من مكة على عشرة أميال. انظر النهاية (2/ 326).
(¬3) أخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15513) - والترمذي في جامعه - كتاب الحج - باب ما جاء في العمرة من الجعرّانة - رقم الحديث (953).
(¬4) الرَّمَلُ: الْمَشْيُ السَّرِيعُ وهَزُّ الْكَتِفَيْنِ. انظر النهاية (2/ 214).
(¬5) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب المناسك - باب الاضْطِبَاعِ في الطواف - رقم الحديث (1884) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (1432).
(¬6) وهي عمرة القضاء.

الصفحة 175