كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

عَلَى وَجْهِي مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ، ثُمَّ عَلَى كَبِدِي، ثُمَّ بَلَغَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُرَّتِي، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ" (¬1).
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِالتَّأْذِينِ بِمَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قَدْ أَمَرْتُكَ بِهِ"، وَذَهَبَ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ كَرَاهِيَةٍ، وَعَادَ ذَلِكَ مَحَبَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَدِمْتُ عَلَى عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، عَامِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ، فكنْتُ أُأَذِّنُ بِمَكَّةَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2).
وَكَانَ عُمْرُ أَبِي مَحْذُورَةَ -رضي اللَّه عنه- سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَذَّنَ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةً تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَتَوَارَثَ وَلَدُهُ، وَوَلَدُ وَلَدِهِ الْأَذَانَ بَعْدَهُ بِمَكَّةَ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (¬3).
قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِبَعْضِهِمْ:
أَمَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ الْمَسْتُورَةْ ... وَمَا تَلَا مُحَمَّدٌ مِنْ سُورَهْ
وَالنَّغَمَاتُ مِنْ أَبِي مَحْذُورَةْ ... لَأَفْعَلَنَّ فِعْلَةً مَذْكُورَهْ (¬4)
¬__________
(¬1) في رواية ابن حبان: "اللهم بارك فيه وبارك عليه".
(¬2) أخرج قصة أبي محذورة -رضي اللَّه عنه-: الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15380) - وابن حبان في صحيحه - كتاب الصلاة - باب الأذان - رقم الحديث (1680) - وأخرجه ابن ماجه في سننه - كتاب الأذان - باب الترجيح في الأذان - رقم الحديث (708) - وأصل القصة في صحيح مسلم - كتاب الصلاة - باب صفة الأذان - رقم الحديث (379).
(¬3) انظر تهذيب التهذيب (4/ 582) للحافظ ابن حجر - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (5/ 312).
(¬4) انظر تهذيب التهذيب (4/ 582).

الصفحة 178