كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
وَفْدُ ثَعْلَبَةَ
قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَرْجِعَهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ، فَقَالُوا: نَحْنُ رُسُلُ مَنْ خَلْفَنَا مِنْ قَوْمِنَا، وَنَحْنُ وَهُمْ مُقِرُّونَ بِالْإِسْلَامِ، فَأَنْزَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِضِيَافَةٍ، فَجَاءَهُمْ بِلَالٌ -رضي اللَّه عنه- بِجَفْنَةٍ (¬1) مِنْ ثَرِيدٍ (¬2) بِلَبَنٍ وَسَمْنٍ، فَأَكَلُوا، ثُمَّ شَهِدُوا الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ لَا إِسْلَامَ لِمَنْ لَا هِجْرَةَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حَيْثُمَا كُنْتُمْ وَاتَّقَيْتُمُ اللَّه فَلَا يَضُرُّكُمْ"، وَأَقَامُوا أَيَّامًا، ثُمَّ جَاؤُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُوَدِّعُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِبِلَالٍ: "أَجْزِهِمْ كَمَا تُجِيزُ الْوَفْدَ"، فَجَاءَ بِنَقْرٍ مِنْ فِضَّةٍ (¬3)، فَأَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ خَمْسَ أَوَاقٍ، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى بِلَادِهِمْ (¬4).
* * *
¬__________
(¬1) الْجَفْنَةُ: معروفة، وهي أعظم ما يكون من القِصَاعِ، والجمع جِفَان. انظر لسان العرب (2/ 310).
(¬2) قال الحافظ في الفتح (10/ 691): الثَّرِيدُ: بفتح الثاء وكسر الراء، وهو أَنْ يُثْرَدَ -أي يُكْسَرَ- الْخُبْزُ ويُخْلَطَ بِمَرَقِ اللَّحْمِ.
(¬3) النَّقْرُ: جمع نُقْرَةٍ، والنقرة من الذهبِ والفضةِ: هي القِطعةُ الْمُذَابَةُ، وقيل: السَّبِيكَةُ. انظر لسان العرب (14/ 257).
(¬4) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 144).
الصفحة 184