كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْتَ ذَلِكَ؟
قُلْتُ: كَانَ النَّجَاشِيُّ يُخْرِجُ لَهُ خَرْجًا (¬1)، فَلَمَّا أَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، لَوْ سَأَلنِي دِرْهَمًا وَاحِدًا مَا أَعْطَيْتُهُ، فَبَلَغَ هِرَقْلَ قَوْلُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ لِهِرَقْلَ: أَتَدَعُ عَبْدَكَ لَا يُخْرِجُ لَكَ خَرْجًا، وَيَدِينُ دِينًا مُحْدَثًا؟
قَالَ هِرَقْلُ: رَجُلٌ رَغِبَ في دِينٍ فَاخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ، مَا أَصْنَعُ بِهِ؟ ، وَاللَّهِ لَوْلَا الضِّنُّ (¬2) بِمُلْكِي لَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ.
فَقَالَ عَبْدٌ: انْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عَمْرُو.
فَقَالَ عَمْرٌو: وَاللَّهِ صَدَقْتُكَ.
قَالَ عَبْدٌ: فَأَخْبِرْنِي مَا الذِي يَأْمُرُ بِهِ، وَيَنْهَى عَنْهُ؟ .
قُلْتُ: يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَيَأْمُرُ بِالْبِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَيَنْهَى عَنِ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَعَنِ الزِّنَى، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَعَنْ عِبَادَةِ الْحَجَرِ وَالْوَثَنِ وَالصَّلِيبِ.
فَقَالَ عَبْدٌ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الذِي يَدْعُو إِلَيْهِ، لَوْ كَانَ أَخِي يُتَابِعُنِي عَلَيْهِ،
¬__________
(¬1) الْخَرَاجُ: هو شيءٌ يُخْرِجُهُ القومُ في السَّنَةِ مِنْ مَالِهِم بقَدْرٍ معلومٍ. انظر لسان العرب (4/ 54).
(¬2) الضِّنُّ: بكسر الضاد: الْبُخْلُ. انظر لسان العرب (8/ 94).
الصفحة 187