كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
امْرَأةً (¬1) مِنَ المُشْرِكِينَ مَعَهَا صَحِيفَةٌ (¬2) مِنْ حَاطِبِ بنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى المُشْرِكِينَ، فَأْتُونِي بِهَا".
قَالَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-: فَانْطَلَقْنَا عَلَى أَفْرَاسِنَا حَتَّى أَدْرَكْنَاهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقُلْنَا لَهَا: أَيْنَ الكِتَابُ الذِي مَعَكِ؟
قَالَتْ: مَا مَعِيَ كِتَابٌ، فَأَنَخْنَا بِهَا بَعِيرَهَا، فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا، فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ شَيْئًا، فَقَالَ صَاحِبَايَ: مَا نَرَى مَعَهَا الكِتَابَ، فَقُلْتُ: لَقَدْ عَلِمْتُمَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَالذِي أَحْلِفُ بِهِ لَئِنْ لَمْ تُخْرِجِي الكِتَابَ لَأُجَرِّدَنَّكِ (¬3)، فَأَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا (¬4)، وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ، فَأَخْرَجَتِ الصَّحِيفَةَ، فَانْطَلَقْنَا
¬__________
(¬1) وقع عند ابن إسحاق في السيرة (4/ 47): أن اسمها سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب.
قال الحافظ في الفتح (14/ 317): وقد اختُلِفَ هل كانت مسلمة أو على دين قومها، فالأكثر على الثاني، فقد عُدَّت فيمن أهدر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دمهم يوم الفتح -كما سيأتي- لأنها كانت تُغني بهجائه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهجاء أصحابه.
(¬2) في رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (4274): كتاب.
(¬3) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (14/ 316): أي أنزع ثيابك حتى تَصيري عريانة.
(¬4) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (6/ 309): الحُجْزة: بضم الحاء وسكون الجيم: معقد الإزار والسراويل.
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (4274): فأخرجته -أي الكتاب- من عِقَاصِها.
والعِقَاص: جمع عِقْصة أو عَقِيصَة، وهي الضفيرة من الشعر إذا لويت وجُعلت مثل الرمانة، أو لم تلو، والمعنى: أخرجت الكتاب من ضفائرها المعقوصة. انظر جامع الأصول (8/ 361) - النهاية (3/ 250).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (6/ 309): ويجمع بينهما بأن تكون عَقِيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجزتها، فربطته في عقيصتها وغرزته بحجزتها.