كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى المَدِينَةِ أَبَا رُهْمٍ كُلْثُومَ (¬1) بنَ الحُصَيْنِ الغِفَارِيَّ -رضي اللَّه عنه-.

* مُرُورُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى قَبْرِ أُمِّهِ:
وَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالْأَبْوَاءِ أَوْ وَدَّانَ، نَزَلَ فزَارَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ بريْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنَزَلَ بِنَا (¬2) وَنَحْنُ مَعَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ (¬3)، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-، فَفَدَّاهُ بِالأَبِ وَالأُمِّ يَقُولُ: مَالَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأُمِّي، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنَ النَّارِ" (¬4).
¬__________
(¬1) هذه رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2392) - والحاكم في المستدرك - رقم الحديث (6576) - وابن إسحاق في السيرة (4/ 48) وإسناده حسن - وفي رواية ابن سعد في طبقاته (2/ 317): عبد اللَّه بن أم مكتوم.
قلتُ: يمكن الجمع بأن يكون أبا رُهم -رضي اللَّه عنه- خلفه رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليحكم المدينة، وعبد اللَّه بن أم مكتوم خلفه -صلى اللَّه عليه وسلم- للصلاة.
(¬2) وقع في رواية الإمام أحمد في المسند - رقم الحديث (23017) تحديد المكان الذي نزل فيه رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فعن بُريدة -رضي اللَّه عنه- قال: خرجتُ مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى إذا كُنَّا بودَّان.
ووقع في رواية أخرى في المسند - رقم الحديث (23038) تحديد هذا السفر، قال بريدة -رضي اللَّه عنه-: أن رَسُول اللَّهِ غزا غزوة الفتح، وذكر الحديث.
(¬3) ذَرَفَت العين: إذا جرى دمعها. انظر النهاية (2/ 147).
(¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (23003) - وأخرجه ابن حبان في =

الصفحة 25