كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

ثُمَّ مُزَيْنَةُ، ثُمَّ جُهَيْنَةُ، ثُمَّ أَشْجَعُ، حَتَّى مَرَّتْ كُلُّ القَبَائِلِ، مَا تَمُرُّ قَبِيلَةٌ إِلَّا سَأَلَ العَبَّاسَ عَنْهَا، فَإِذَا أَخْبَرَهُ قَالَ: مَالِي وَلبَنِي فُلَانٍ (¬1)؟

* مُرُورُ الكَتِيبَةِ الخَضْرَاءِ:
ثُمَّ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ فِي كَتِيبَتِهِ الخَضْرَاءِ (¬2)، فِيهَا المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَلَا أَحَدَ مَعَهُمْ، لَا يُرَى مِنْهُمْ إِلَّا الحَدَقُ (¬3) مِنَ الحَدِيدِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى نَاقَتِهِ القَصْوَاءِ، وَرَايَةُ المُهَاجِرِينَ مَعَ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ -رضي اللَّه عنه-، وَرَايَةُ الأَنْصَارِ مَعَ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا عَبَّاسُ! مَنْ هَؤُلَاءَ؟ .
قَالَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ قبَلٌ وَلَا طَاقَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ يَا أبَا الفَضْلِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابنِ أَخِيكَ اليَوْمَ عَظِيمًا.
فَقَالَ العَبَّاسُ -رضي اللَّه عنه-: وَيْحَكَ يَا أبَا سُفْيَانُ! إِنَّهَا النُّبُوَّةُ.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: نَعَمْ (¬4).
¬__________
(¬1) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب أين ركز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الراية يوم الفتح - رقم الحديث (4280) - وابن إسحاق في السيرة (4/ 52) - والبيهقي في دلائل النبوة (5/ 35).
(¬2) يُقال: كَتِيبة خضراء: إذا غلب عليها لبسُ الحديد، شُبّه سواده بالخضرة، والعرب تطلق الخضرة على السواد. انظر النهاية (2/ 40).
(¬3) الحَدَق: العيون. انظر النهاية (1/ 341).
(¬4) انظر سيرة ابن هشام (4/ 52) - دلائل النبوة للبيهقي (5/ 35).

الصفحة 39