كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

الأَحْمَسَ (¬1)، قُبِّحَ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ.
فَقَالَ لَهَا أَبُو سُفْيَانَ: وَيْلَكِ! جَاءَ بِالحَقِّ، فَاسْكُتِي وَادْخُلِي بَيْتَكِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنْ لَمْ تُسْلِمِي لَتُضْرَبَنَّ عُنُقُكِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ: وَيْلَكُمْ! لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَكُمْ مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، فَمَنَ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، قَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ! وَمَا تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ؟
قَالَ: وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ، وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، فتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى المَسْجِدِ (¬2).

* نُزُولُ جَيْشِ المُسْلِمِينَ بِذِي طُوَى (¬3):
وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي سَيْرِهِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى ذِي طُوَى، وَهُنَاكَ أَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ تَنْظِيمَ وَتَرْتِيبَ جَيْشِهِ، فَجَعَلَ خَالِدَ بنَ الوَليدِ -رضي اللَّه عنه- عَلَى المَجْنَبَةِ (¬4) اليُمْنَى، وَمَعَهُ أَسْلَمُ وَسُلَيْمٌ وَغِفَارٌ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ أَسْفَلِهَا مِنْ كُدَيٍّ (¬5)، وَجَعَلَ الزُّبَيْرَ بنَ العَوَّامِ -رضي اللَّه عنه- عَلَى المَجْنَبَةِ اليُسْرَى، وَمَعَهُ المُهَاجِرُونَ، وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
¬__________
(¬1) الأحمس هنا: الذي لا خير فيه انظر الرَّوْض الأُنُف (4/ 158).
(¬2) انظر سيرة ابن هشام (4/ 53) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 317).
(¬3) ذي طُوى: بضم الطاء وفتح الواو المخففة: موضع عند باب مكة. انظر النهاية (3/ 133).
(¬4) مجنبة الجيش: هي التي تأخذ في الميمنة والميسرة. انظر النهاية (1/ 292).
(¬5) كُدَيّ: بضم الكاف وتشديد الياء: موضع بأسفل مكة. انظر النهاية (4/ 136).

الصفحة 42