كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَلَقِيَهُ صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ، وَعِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهْلٍ، وَسُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو (¬1) بِالخَنْدَمَةِ، فِي جَمْعٍ مِنْ أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهَا، فَمَنَعُوهُ مِنَ الدُّخُولِ، وَشَهَرُوا السِّلَاحَ، وَرَمَوْهُ بِالنَّبْلِ، فَقَاتَلَهُمْ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه-، فَقتَلَ مِنْهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَانْهَزَمُوا، وَاسْتَمَرَّ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه- يَدْفَعُهُمْ حَتَّى انْتَهَى بِهِمُ القَتْلُ إِلَى بَابِ المَسْجِدِ، فَلَمَّا رَاَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ، صَاحَ بِهِمْ: مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَجَعَلُوا يَقْتَحِمُونَ الدُّورَ، وَيُغْلِقُونَ أَبْوَابَهَا عَلَيْهِمْ (¬2).
* شَأْنُ حِمَاسِ (¬3) بنِ قَيْسٍ:
وَكَانَ مِنْ بَيْنِ الذِينَ انْهَزَمُوا حِمَاسُ بنُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ المُسْلِمِينَ يُعِدُّ سِلَاحَهُ وَيُصْلِحُهُ لِقِتَالِ المُسْلِمِينَ.
فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: لِمَاذَا تُعِدُّ سِلَاحَكَ؟ قَالَ: لِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ.
قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَرَى يَقُومُ لِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ شَيْءٌ.
قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أُخْدِمَكِ بَعْضَهُمْ.
فَلَمَّا انْهَزَمَ حِمَاسٌ وَفرَّ، دَخَلَ بَيْتَهُ، وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَغْلِقِي عَلَيَّ بَابِي.
قَالَتْ: فَأَيْنَ مَا كُنْتَ تَقُولُ؟
قَالَ:
¬__________
(¬1) كل هؤلاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أسلموا، وحسن إسلامهم.
(¬2) انظر سيرة ابن هشام (4/ 55) - دلائل النبوة للبيهقي (5/ 41) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 317).
(¬3) قال الحافظ في الإصابة (2/ 102): حِماس: بكسر الحاء.
الصفحة 48