كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْزُلنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذَا فَتَحَ اللَّهُ، الخَيْفُ حَيْثُ تَقَاسَمُوا (¬1) عَلَى الكُفْرِ" (¬2).
قَالَ العُلَمَاءُ: وَكَانَ نُزُولُه -صلى اللَّه عليه وسلم- هُنَا شُكْرًا للَّهِ تَعَالَى عَلَى الظُّهُورِ بَعْدَ الاخْتِفَاءِ، وَعَلَى إِظْهَارِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (¬3).
وَلَمْ يَنْزِلْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَارَهُ التِي كَانَتْ فِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّ عَقِيلَ بنَ أَبِي طَالِبٍ بَاعَهَا، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ زَمَنَ الفَتْحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ، فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَهَلْ ترَكَ عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ؟ ".
وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ لِانَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ (¬4).
¬__________
(¬1) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 328): يعني قريشًا لما تحالفوا على أن لا يبايعوا بني هاشم ولا يناكحوهم ولا يؤوهم وحصروهم في الشعب.
قلتُ: ذكرنا حصار قريش لبني هاشم فيما تقدم، فراجعه.
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب أين ركز رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الراية يوم الفتح - رقم الحديث (4284) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر - رقم الحديث (1314) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (8278).
(¬3) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (9/ 52).
(¬4) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحج - باب توريث دور مكة - رقم الحديث (1588) وكتاب المغازي - باب أين ركز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الراية يوم الفتح - رقم الحديث (4248) -=