كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الكَعْبَةَ، فَوَجَدَ حَمَامَةً مِنْ عِيدَانٍ، فكَسَرَهَا بِيَدهِ، ثُمَّ طَرَحَهَا (¬1)، وَوَجَدَ بَعْضَ الآثَارِ لِلصُّوَرِ، فَوَجَدَ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي أَيْدِيهِمَا الأَزْلَامُ (¬2)، وَوَجَدَ أَيْضًا صُورَةً لِمَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا اسْتَقْسَمَا بِالأَزْلَامِ قَطُّ".
ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِبَقِيَّةِ تِلْكَ الصُّوَرِ فَمَحَاهَا (¬3).
وَفِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ أُسَامَةُ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَجَعَلَ يَمْحُوهَا، وَيَقُولُ: "قَاتَلَ اللَّهُ قَوْمًا يُصَوِّرُونَ مَا لَا يَخْلُقُونَ" (¬4).
¬__________
= كتاب الحظر والإباحة - باب الصور والمصورين - رقم الحديث (5857).
(¬1) ذِكْر الحَمامة وكَسْرها -صلى اللَّه عليه وسلم- بِيَده الشريفة هي رواية ابن ماجه في سننه - كتاب المناسك - باب من استلم الركن بمحجنه - رقم الحديث (2947) - والحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب ذكر صفية بنت شيبة - رقم الحديث (7022) - وابن إسحاق في السيرة (4/ 60) وإسناده حسن.
(¬2) الأزْلَام: هي القِداحُ التي كانت في الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهي، افعل ولا تفعل، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له، فإذا أراد سفرًا أو زواجًا أو أمرًا مهمًا، أدخل يده فأخرج منها زلمًا، فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله. انظر النهاية (2/ 281).
(¬3) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب أحاديث الأنبياء - باب قول اللَّه تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} - رقم الحديث (3351) - وكتاب المغازي - باب أين ركز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الراية يوم الفتح - رقم الحديث (4288) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب الحظر والإباحة - باب الصور والمصورين - رقم الحديث (5858).
(¬4) أخرجه الطيالسي في مسنده - رقم الحديث (657) - وجوده إسناده الحافظ في الفتح (4/ 268).

الصفحة 58