كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- (¬1) أَرَادَ أَنْ يَنْكُصَ (¬2)، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ مَكَانَكَ، وَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ فَأَجْلَسَاهُ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- (¬3).

* رُجُوعُ أُسَامَةَ -رضي اللَّه عنه- مِنْ مُعَسْكَرِهِ بِالْجُرْفِ:
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِيَوْمٍ، اشْتَدَّ بِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْوَجَعُ، فَوَصَلَتِ الْأَخْبَارُ إلى جَيْشِ أُسَامَةَ وَهُوَ بِالْجُرْفِ، فَشَاعَ الْحُزْنُ، فَرَجَعَ أُسَامَةُ -رضي اللَّه عنه-، وَرَجَعَ النَّاسُ مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَغْمُورٌ (¬4)، فَدَخَلَ عَلَيْهِ
¬__________
= رقم الحديث (308) وإسناده صحيح، ويمكن حمل قولهما: "خرج إلينا" أي من مكانه الذي كان راقدًا فيه إلى من في البيت، فصلى بهم، فتلتئم الروايات.
(¬1) هذه رواية الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2055).
وفي رواية ابن ماجه في سننه: فلما رآه الناس، سبحوا بأبي بكر.
(¬2) النكوص: الرجوع إلى الوراء. انظر النهاية (5/ 101).
(¬3) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب الأذان - باب حد المريض أن يشهد الجماعة - رقم الحديث (664) - وباب إنما جُعل الإِمام ليؤتم به - رقم الحديث (687) - وباب الرجل يأتم بالإمام - رقم الحديث (713) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الصلاة - باب استخلاف الإِمام إذا عرض له عذر من مرض أو سفر وغيرهما - رقم الحديث (418) (95) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2055) - وابن ماجه في سننه - كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ما جاء في صلاة رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه - رقم الحديث (1235) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (4206).
(¬4) مَغْمُورٌ: أي مُغمى عليه. انظر النهاية (3/ 345).

الصفحة 610