كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

* آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرَهَا رَسُولُ اللَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:
بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ دَنِفًا (¬1)، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ أَصْبَحَ مُفِيقًا، فَكَشَفَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ، وَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، فَتَبَسَّمَ لِمَا رَأَى مِنِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَأُلْفَتِهِمْ وَتَآخِيهِمْ.
قَالَ أَنَسٌ -رضي اللَّه عنه-: . . . حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ، فكشَفَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، يَنْظُرُ إِلَيْنَا، وَهُوَ قَائِمٌ، كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَهُ مُصْحَفٍ (¬2)، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَك، فَهَمَمْنَا أن نَفْتَتِنَ مِنَ الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَارجٌ إلى الصَّلَاةِ، فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، وَأَرْخَى السَّتْرَ، فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ (¬3).

* لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتِ:
ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ، وَهِيَ
¬__________
= وأخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الوصايا - باب الوصايا. . - رقم الحديث (2739) عن عمرو بن الحارث -رضي اللَّه عنه-.
(¬1) رجل دَنِفٌ: اشتد مرضه حتى أشفى على الموت. انظر لسان العرب (4/ 417).
(¬2) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (4/ 118): أي عبارة عن الجمال البارع، وحسن البشرة، وصفاء الوجه، واستنارته.
(¬3) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب الأذان - باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة - رقم الحديث (680) - ومسلم في صحيحه - كتاب الصلاة - باب استخلاف الإِمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما - رقم الحديث (419).

الصفحة 612