كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبِشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ (¬1) يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ (¬2) أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ" (¬3).
فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ أَصْبَحَ مُفِيقًا ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ بَرَأَ مِنْ وَجَعِهِ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه-، مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ .
فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا (¬4)، فَانْصَرَفُوا إلى مَنَازِلهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ مُسْتَبْشِرِينَ (¬5).
¬__________
(¬1) ورد في قوله تعالى في سورة يونس، آية (64): {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. . .} أنها الرؤيا الصالحة.
فقد أخرج الترمذي في جامعه بسند صحيح لغيره - رقم الحديث (2428) عن عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- قال: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. . .} فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى له".
(¬2) فقمن: أي خليق وجدير. انظر النهاية (4/ 97).
(¬3) أخرج ذلك الإِمام مسلم في صحيحه - كتاب الصلاة - باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود - رقم الحديث (479).
(¬4) بارئًا: أي معافى. انظر النهاية (1/ 111).
(¬5) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب مرض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ووفاته - رقم الحديث (4447) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2374).

الصفحة 613