كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

* إِحْسَاسُ الْعَبَّاسِ -رضي اللَّه عنه- بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:
أَمَّا الْعَبَّاسُ -رضي اللَّه عنه-، فَقَدْ عَرَفَ الْمَوْتَ يَوْمَئِذٍ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ -رضي اللَّه عنه-، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا (¬1)، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إلى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ، إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-: إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2).

* اسْتِئْذَانُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدَيقِ -رضي اللَّه عنه- رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيَ الذَّهَابِ إِلَى أَهْلِهِ:
وَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه- رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها في الْخُرُوجِ إلى أَهْلِهِ بِالسُّنْحِ (¬3)، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَرَاكَ قَدْ أَصْبَحْتَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ كَمَا نُحِبُّ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ بِنْتِ خَارِجَةَ أَفَآتِيهَا؟
¬__________
(¬1) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (8/ 490): هو كناية عمن يصير تابعًا لغيره، والمعنى أنه يموت بعد ثلاث، وتصير أنت مأمور عليك، وهذا من قوة فراسة العباس -رضي اللَّه عنه-.
(¬2) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب مرض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ووفاته - رقم الحديث (4447) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2374).
(¬3) السُنح: بضم السين وسكون النون، موضع بعوالي المدينة فيه منازل بني الحارث بن الخزرج. انظر النهاية (2/ 366).

الصفحة 614