كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا".
فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَثَقُلَ، أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعَلَى".
قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى (¬1).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: . . . كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي، أَوْ قَالَتْ: حِجْرِي، فَدَعَا بِطَسْتٍ، فَلَقَدْ انْخَنَثَ (¬2) فِي حِجْرِي، فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ مَاتَ (¬3).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: . . . فَبَيْنَمَا رَأْسُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى مَنْكبِي إِذْ مَالَ رَأْسُهُ نَحْوَ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ مِنْ رَأْسِي حَاجَةً، فَخَرَجَتْ مِنْ فِيهِ نُطْفَةٌ بَارِدَةٌ، فَوَقَعَتْ عَلَى ثُغْرَةِ (¬4) نَحْرِي (¬5)، فَاقْشَعَرَّ لهَا جِلْدِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ (¬6).
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب السلام - باب استحباب رقية المريض - رقم الحديث (2191).
(¬2) انْخَنَثَ: مَال وانْثَنَى لاسترخاء أعضائه عند الموت. انظر النهاية (2/ 78).
(¬3) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الوصايا - باب الوصايا - رقم الحديث (2741) - ومسلم في صحيحه - كتاب الوصية - باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه - رقم الحديث (1636) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (24039).
(¬4) الثغرة: نقرة النحر فوق الصدر. انظر النهاية (1/ 208).
(¬5) النَّحْر: أعلى الصدر. انظر النهاية (5/ 23).
(¬6) أخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (25841) - وإسناده حسن.

الصفحة 619