كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ كَانَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ تُذْكَرُ وَتُدْعَى مِنْ دَمٍ، أَوْ مَالٍ تَحْتَ قَدَمِي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الحَاجِّ، وَسِدَانَةِ البَيْتِ، أَلَا إِنَّ قَتِيلَ الخَطَأِ شِبْهَ العَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالعَصَا، فَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً: مِائَهٌ مِنَ الإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً (¬1)، فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا" (¬2).
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبَيَّةَ (¬3) الجَاهِلِيَّةِ، وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، النَّاسُ رَجُلَانِ: بَرٌّ تَقِيٌّ كرِيمٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدمَ، وَخُلِقَ آدَمُ مِنْ تُرَابٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ فَخْرَهُمْ بِرِجَالٍ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عِدَّتِهِمْ مِنَ الْجِعْلَانِ (¬4) التِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ" (¬5).
"أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ (¬6) فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ الإِسْلَامَ لَمْ يَزِدْهُ
¬__________
(¬1) الخَلِفة: بفتح الخاء وكسر اللام: هي الحوامل من النوق. انظر النهاية (2/ 65).
(¬2) أخرج ذلك أبو داود في سننه - كتاب الديات - باب في الخطأ شبه العمد - رقم الحديث (4547) - وابن حبان في صحيحه - كتاب الديات - باب ذكر وصف الدية في قتيل الخطأ - رقم الحديث (6011) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (4945) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (2488) - وإسناده صحيح.
(¬3) عُبية: بضم العين وتشديد الباء والياء: يعني الكبر. انظر النهاية (3/ 154).
(¬4) الجُعلُ: حيوان معروف كالخنفساء. انظر النهاية (1/ 268).
(¬5) أخرج ذلك الترمذي في جامعه - كتاب التفسير - باب ومن سورة الحجرات - رقم الحديث (3270) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (8736) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (8215) - وهو حديث حسن.
(¬6) أصلُ الحلف: المُعَاقَدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، فما كان منه في =

الصفحة 62