كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

هَوْلُ الْفَاجِعَةِ التِي أَصَابَتِ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَشَاعَ خَبَرُ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَنَزَلَ خَبَرُ وَفَاتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَالصَّاعِقَةِ؛ لِشِدَّةِ حبّهِمْ لَهُ، وَمَا تَعَوَّدُوهُ مِنَ الْعَيْشِ في كَنَفِهِ، وَدَخَلَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَقَالُوا: كَيْفَ يَمُوتُ، وَهُوَ شَهِيدٌ عَلَيْنَا وَنَحْنُ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ.

* مَوْقِفُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-:
وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- وَمَعَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَاسْتَأْذَنا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَذِنَتْ لَهُمَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَجَذَبْتُ إِلَيَّ الْحِجَابَ، فنَظَرَ عُمَرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَاغَشَيَاهُ، مَا أَشَدَّ غَشْيَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثمَّ قَامَا، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْبَابِ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: يَا عُمَرُ، مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قَالَ: كَذَبْتَ، بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ تَحُوسُكَ (¬1) فِتْنَةٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُنَافِقِينَ (¬2).
¬__________
(¬1) تَحُوسُكَ: أي تخالطك وتحثك على ركوبها. انظر النهاية (1/ 442).
(¬2) أخرج ذلك الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (25841) - وإسناده حسن.

الصفحة 623