كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
إِلَّا شِدَّةً، وَلَا حِلْفَ فِي الإِسْلَامِ" (¬1).
وَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابَيْنِ، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَهُ مِثْلُ الذِي لَنَا، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الذِي عَلَيْنَا، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَلَهُ أَجْرُهُ، وَلَهُ مِثْلُ الذِي لَنَا، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الذِي عَلَيْنَا" (¬2).
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا مَعْشَرَ قُرَيشٍ! مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِل بِكُمْ؟ ".
قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإخْوَتهِ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} (¬3)، اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلقاءُ" (¬4).
¬__________
= الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات، فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا حلف في الإسلام"، وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام، فذلك الذي قال فيه رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"، يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق. انظر النهاية (1/ 407).
(¬1) أخرج ذلك الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (1618) (5992) - والبخاري في الأدب المفرد - رقم الحديث (570) - وإسناده حسن.
(¬2) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (22234) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (2571) - وإسناده حسن.
قلتُ: وقع في رواية الطحاوي أن ذلك كان في حجة الوداع وليس يوم فتح مكة، ورواية الإمام أحمد في مسنده: أن ذلك كان يوم فتح مكة، فلعله -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك مرتين يوم الفتح، وفي حجة الوداع، واللَّه أعلم.
(¬3) سورة يوسف آية (95).
(¬4) انظر سيرة ابن هشام (4/ 61) - دلائل النبوة للبيهقي (5/ 58).