كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

الصَّحِيفَةَ، فَقَدْ كَذَبَ، قَالَ: وَفيهَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عيرٍ (¬1) إلى ثَورٍ (¬2)، فمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوى مُحْدثًا، فعلَيْه لَعْنهُ اللَّه وَالْملَائكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْتلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا (¬3) وَلَا عَدْلًا (¬4)، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، وَمَنِ ادَّعَى إلى غيرِ أَبِيهِ، أَوْ انْتَمَى إِلَى غير موالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنةُ اللَّهِ وَالْمَلَائكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْتلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا" (¬5).
قَالَ الْحَافِظُ في الْفَتْحِ: وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ عَنْ عَلِيٍّ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ الصَّحِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ، فنَقَلَ كُلُّ رَاوٍ بَعضَهَا (¬6).
¬__________
(¬1) عَيْر: بفتح العين وسكون الياء: جبل معروف بالمدينة. انظر النهاية (3/ 296) - وجامع الأصول (8/ 28).
(¬2) ثَوْر: هو أيضًا جبل بالمدينة، وليس هو جبل ثور المعروف بمكة، والذي فيه الغار الذي اختبأ فيه رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وصاحبه أبو بكر -رضي اللَّه عنه- يوم الهجرة. وانظر فتح الباري (4/ 56).
(¬3) الصَّرْفُ: التوبة. انظر النهاية (3/ 173).
(¬4) الْعَدْلُ: الفِدْية. انظر النهاية (3/ 173).
(¬5) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب فضائل المدينة - باب حرم المدينة - رقم الحديث (1870) - وأخرجه في كتاب الجزية والموادعة - باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة - رقم الحديث (3172) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب فضل المدينة، ودعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها بالبركة - رقم الحديث (1370) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (615).
(¬6) انظر فتح الباري (4/ 570).

الصفحة 631