كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ (¬1)، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ (¬2) صَالِحَانِ فَذَكَرَا لَنَا مَا تَمَالَأَ (¬3) عَلَيْهِ الْقَوْمُ، فَقَالَا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ .
فَقُلْتُ: نُرْيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَنْصَارِ.
فَقَالَا: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ، يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ اقْضُوا أَمْرَكُمْ (¬4).
فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَنَأتِيَنَّهُمْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ (¬5) رَجُلٌ مُزَمَّلٌ (¬6)، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالُوا: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ.
فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟ .
قَالُوا: يُوعَكُ (¬7)، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ
¬__________
(¬1) في رواية ابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (414) بسند صحيح قال عمر -رضي اللَّه عنه-: فانطلقنا نؤمهم، فلقينا أبو عبيدة بن الجراح -رضي اللَّه عنه-، فأخذ أبو بكر بيده، فمشى بيني وبينه.
(¬2) سمى ابن إسحاق في السيرة (4/ 317) الرجلان: هما عويم بن ساعدة، ومعن بن عدي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وهما من الأنصار، وممن شهد غزوة بدر الكبرى.
(¬3) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (14/ 119): تمالأ: بفتح اللام والهمزة أي اتفق.
(¬4) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (14/ 119): يؤخذ من هذا أن الأنصار كلها لم تجتمع على سعد بن عبادة -رضي اللَّه عنه-.
قلت: سيأتي خبر زيد بن ثابت الأنصاري -رضي اللَّه عنه-، ما يؤيد كلام الحافظ.
(¬5) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (14/ 119): أي وسطهم.
(¬6) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (14/ 119): مُزمَّل: بضم الميم الأولى وتشديد الميم المفتوحة: أي مُلَفَّف.
(¬7) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (14/ 119): يُوعك: بضم الياء أي يحصل له الوعك، وهو الحمى.
وفي رواية الإِمام أحمد في مسنده: وجع.

الصفحة 634