كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

* تَرْشِيحُ عُمَرَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِلخِلَافَةِ:
ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-: وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، فَأَخَذَ بِيَدِ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه-، وَيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ -رضي اللَّه عنه-، وَهُوَ جَالِسٌ بينهما.
قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: فَلَمْ أَكْرَهُ مِمَّا قَالَ أَبُو بَكْرٍ غَيْرَهَا، وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتَضْرَبَ عُنقِي لَا يَقْرَبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ.
قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: وَكَثُرَ اللَّغَطُ (¬1)، وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَّى فَرِقْتُ (¬2) مِنَ الِاخْتِلَافِ.
فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَ يَدَهُ، فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ (¬3)، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الْأَنْصَارُ (¬4).
وَفِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ؟
فَأَيّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟
¬__________
(¬1) اللَّغَطُ: الضجة واختلاف الأصوات. انظر جامع الأصول (11/ 71).
(¬2) الفرَقَ: الخوف. انظر النهاية (3/ 392).
(¬3) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (14/ 122): كأنهم تلاحقوا بهم لما بلغهم أنهم توجهوا إلى الأنصار.
(¬4) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحدود - باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت - رقم الحديث (6830) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (391).

الصفحة 638