كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

لَا تَّبَعْتُهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا أَقُولُ شَيْئًا، لَوْ تَكَلَّمْتُ لَأَخْبَرَتْ عَنِّي هَذِهِ الحَصَى (¬1).
فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُمْ: "قَدْ عَلِمْتُ الذِي قُلْتُمْ"، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَقَاَل الحَارِثُ وَعَتَّابٌ: نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا اطَّلَعَ عَلَى هَذَا أَحَدٌ كَانَ مَعَنَا، فَنَقُولَ أَخْبَرَكَ (¬2).

* صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ:
وَفِي يَوْمِ الفَتْحِ صَلَّى رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِم فِي صَحِيحِهِ، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَد عَنْ بريْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الفَتْحِ، تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، وَصَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ فَعَلْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي عَمْدًا فَعَلْتُهُ يَا عُمَرُ" (¬3).
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِي هَذَا الحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ
¬__________
(¬1) وإنما قال ذلك أبو سفيان بسبب ما حدث له مع رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما فكّر بقتال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبره رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما بنفسه.
(¬2) أخرج ذلك ابن إسحاق في السيرة (4/ 62) - والبيهقي في دلائل النبوة (5/ 78 - 79).
(¬3) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الطهارة - باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد - رقم الحديث (277) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (23029).

الصفحة 66