كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)
أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِأَخِي بَعْدَ الفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الهِجْرَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذَهَبَ أَهْلُ الهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا"، فَقُلْتُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟
قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُبايِعُهُ عَلَى الإِسْلَامِ، وَالإِيمَانِ، وَالجِهَادِ" (¬1)
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالطَّحَاوِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ بِالشَّوَاهِدِ عَنْ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبِي أُمَيَّةُ يَوْمَ الفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ أَبِي عَلَى الهِجْرَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَلْ أُبَايِعُهُ عَلَى الجِهَادِ، فَقَدِ انْقَطَعَتِ الهِجْرَةُ" (¬2).
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا -وَاللَّفْظُ لِابْنِ حِبَّانَ- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، أَوْ قَالَتْ: بَعْدَ الْيَوْمِ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَفِرُّونَ بِدِينِهِمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولهِ مِنْ أَنْ يُفْتَنُوا (¬3)، وَقَدْ أَفْشَى اللَّهُ
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المغازي - باب مقام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة زمن الفتح - رقم الحديث (4305) (4306) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب المبايعة بعد فتح مكة علي الإسلام - رقم الحديث (1863) (84).
(¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (17958) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (2621) (2622) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (9214) - وأورد طرق هذا الحديث الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/ 268) وقال: وهذه أسانيد يُقوِّي بعضها بعضًا.
(¬3) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (7/ 635): أشارت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إلى بيان مشروعية الهجرة وأن سببها خوف الفتنة.