كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

* إِقَامَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ وَأَعْمَالُهُ فِيهَا:
أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تِسْعَةَ عَشَرَ (¬1) يَقْصُرُ (¬2).
وَخِلَالَ هَذِهِ الأَيَّامِ رَسَّخَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ، وَأَخَذَ يُفَقِّهُ النَّاسَ بِأَمْرِ دِينِهِمْ، وبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَمِيمَ بنَ أُسَيْدٍ الخُزَاعِيَّ؛ لِيُجَدِّدَ أَنْصَابَ الحَرَمِ (¬3).
كَمَا بَثَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَرَايَاهُ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلَامِ، وَلِكَسْرِ الأَوْثَانِ التِي
¬__________
(¬1) ولأبي داود أيضًا في سننه - كتاب الصلاة - باب متى يُتِم المسافر؟ - رقم الحديث (1229) عن عمران بن حصين -رضي اللَّه عنه- قال: غَزَوْتُ مع رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إِلَّا ركعتين.
ذكر الحافظ في الفتح (3/ 269): الاختلاف في مقدار المدة التي أقام فيها رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في مكة يقصر الصلاة، وقال: واقتضى ذلك أن رواية تسعة عشر أرجح الروايات، وبهذا أخذ إسحاق بن راهوية، ويرجحها أيضًا أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة.
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب تقصير الصلاة - باب ما جاء في التقصير - رقم الحديث (1080) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (1958).
(¬3) أنْصَابُ الحرم: حدوده وعلاماته. انظر لسان العرب (14/ 155).
أخرج تجديد أنصاب الحرم على يد تميم بن أسيد: ابن سعد في طبقاته (4/ 466) - وأورده الحافظ فِي الإصابة (1/ 487) وحسن إسناده.

الصفحة 90