كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 4)

فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ (¬1) أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ" (¬2).

* سَبَبُ تَفْضِيلِ نَفَقَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَسَبَبُ تَفْضِيلِ نَفَقَتِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهَا كَانَتْ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَضِيقِ الحَالِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، وَلِأَنَّ إِنْفَاقَهُمْ كَانَ فِي نُصْرَتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَحِمَايَتِهِ، وَذَلِكَ مَعْدُومٌ بَعْدَهُ، وَكَذَا جِهَادُهُمْ وَسَائِرُ طَاعَتِهِمْ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} (¬3)، وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ مَا كَانَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الشَّفَقَةِ وَالتَّوَدُّدِ وَالخُشُوعِ وَالتَّوَاضُعِ وَالإِيثَارِ وَالجِهَادِ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَفَضِيلَةُ الصُّحْبَةِ وَلَوْ لَحْظةً لَا يُوَازِيهَا عَمَلٌ وَلَا يَنَالُ دَرَجَتَهَا شَيْءٌ، وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ (¬4).

* شَيْءٌ مِنْ فَضَائِلِ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ -رضي اللَّه عنه-:
أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
¬__________
(¬1) المد: بضم الميم: هو ربع الصاع. انظر النهاية (4/ 263).
(¬2) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (7/ 387): النصيف: بوزن رغيف وهو النصف.
وهذه الرواية أخرجها البخاري في صحيحه - كتاب فضائل أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو كنت متخذًا خليلًا" - رقم الحديث (3673) - ومسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب تحريم سب الصحابة - رقم الحديث (2541).
(¬3) سورة الحديد آية (10).
(¬4) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (16/ 76).

الصفحة 98