كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 4)
1346 - حدثنا أبو داود السجستاني، نا عثمان بن أبي شيبة (¬1)، نا أبو أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّه نادى بالصلاة بضجنان (¬2)، في ليلة ذات برد وريح فقال في آخر ندائه (¬3): ألا صلوا في رحالكم، ألا صلوا في الرحال. ثم قال: إنّ
-[106]- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات (¬4) مطر في سفر يقول: ألا صلوا في رحالكم (¬5) (¬6).
¬_________
(¬1) هو عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، الكوفي.
(¬2) "ضجنان" بفتح الأول والثاني، وتروى أيضا بسكون الجيم وهو موضع قريب من مكة، وقيل: جبل، وقال البلادي: حرة مستطيلة من الشرق إلى الغرب ويمر بها الطريق من مكة إلى المدينة بنصفها الغربي على مسافة أربعة وخمسين كيلا من مكة، ويعرف اليوم بخشم المحسنية. انظر: الصحاح 6/ 2154، والقاموس المحيط ص / 1092، والمعالم الأثيرة ص 165.
(¬3) هكذا في جميع النسخ وصحيح مسلم -رحمه الله تعالى-.
وعند البخاري -رحمه الله تعالى-: "أذن ابن عمر -رضي الله عنه- بضجنان ثم قال: صلوا في رحالكم". وهذا صريح في أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان.
وقال القرطبي -لما ذكر رواية مسلم بلفظ يقول في آخر ندائه-: "يحتمل أن يكون المراد في آخره قبيل الفراغ منه جمعًا بينه وبين حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-".
لكن لفظ البخاري -رحمه الله تعالى- لا يقبل هذا الاحتمال والله أعلم. قال النووي -رحمه الله تعالى-: وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن يقول: ألا صلوا في رحالكم في نفس الأذان، وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّه قال في =
-[106]- = آخر ندائه والأمران جائزان نص عليهما الشافعي -رحمه الله تعالى- في الأم في كتاب الأذان، فيجوز بعد الأذان وفي أثنائه لثبوت السنة فيهما لكن قوله بعده أحسن ليبقى نظم الأذان على وضعه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قد ورد من ألفاظه: (فلما بلغ الموذن حيّ على الصلاة فأمره أن ينادي الصلاة في الرحال) و (أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل: صلوا في بيوتكم).
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: وبوّب عليه ابن خزيمة وتبعه ابن حبان ثم المحبّ الطبري حذف حي على الصلاة، في يوم المطر، وكأنه نظر إلى المعنى لأن حي على الصلاة، والصلاة في الرحال والبيوت يناقض أحدهما الآخر، ثم قال: ويمكن الجمع بينهما ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى الصلاة في الرحال رخصة لمن أراد أن يترخص وهلمّوا إلى الصلاة ندب لمن أراد أن يستكمل الفضيلة ولو تحمل المشقة.
انظر: الأم 1/ 178، والمفهم 2/ 337، وشرح النووي 5/ 326، والفتح 2/ 98، 113.
(¬4) "أو" -هنا- للتنويع، لا للشك. انظر: الفتح 2/ 113.
(¬5) (ك 1/ 298).
(¬6) وقد أخرجه مسلم -رحمه الله تعالى- عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن عبيد الله به. انظر: صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الصلاة في الرحال في المطر برقم 23، 1/ 484.
وأخرجه البخاري -رحمه الله تعالى- عن مسدد، عن يحيى، عن عبيد الله به. انظر: صحيحه، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم 632، 2/ 112. وهو في سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب التخلف عن الجماعة في الليلة =
-[107]- = الباردة أو الليلة المطيرة برقم 1062، 1/ 642.