كتاب روح البيان (اسم الجزء: 4)

بقدرته يعيد الخلق بعد الموت ليحصدوا فيها ما زرعوه فى الدنيا فمن زرع الخير يحصد السلامة ومن زرع الشر يحصد الندامة
جمله دانند اين اگر تو نگروى ... هر چهـ مى كاريش روزى بدروى
وانما اخر الجزاء الى دار الآخرة لان الدنيا لا تسعه ولله تعالى فى كل شىء حكمة فاذا عرفت الحال فخف من الله المتعال فانه غيور لا يرضى اقامة عبده على مخالفته وخروجه من دائرة طاعته وعن وهب بن منبه كان يسرج فى بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجرى حتى ينصب فى القناديل من غير ان تمسه الأيدي وكانت تنحدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج فى ابني هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابني هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابني هارون أخي قد عرفت مكانهما منى فاوحى الله اليه يا ابن عمران هكذا افعل باوليائى إذا عصونى فكيف باعدائى وعن ابن عباس رضى الله عنهما لو ان قطرة من الزقوم قطرت فى الأرض لامرت على اهل الأرض معيشتهم فكيف بمن هو طعامه من زقوم وشرابه من حميم. ومن تذكر المبدأ والمعاد وتفكر ان الرجوع الى رب العباد تاب من الخطايا والسيئات وصار من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وفى الحديث (إذا بلغ العبد أربعين سنة ولم يغلب خيره شره قبل الشيطان بين عينيه وقال فديت وجهالا يفلح ابدا) فان من الله عليه وتاب واستخرجه من غمرات الجهالة واستنقذه من ورطات الضلالة يقول الشيطان واويلاه قطع عمره فى الضلالة وأقر عينى فى المعاصي ثم أخرجه الله بالتوبة من ظلمة المعصية الى نور الطاعة: وفى المثنوى
مرد أول بسته خواب وخورست ... آخر الأمر از ملائك بر ترست
در پناه پنبه وكبريتها ... شعله نورش برآيد برسها
يعنى ان الشرارة تصير نارا عظيمة بمعونة القطن والكبريت فكذا الإنسان فى أول حاله كالشرارة فاذا قارن المربى أو رباه الله من غير وساطة أحد من الناس يرقى الى حيث يعظم قدره عند الله ويصير بين اقرانه كالمسك بين الدماء نسأل الله العناية والتوفيق هُوَ الَّذِي [اوست آن خداونديكه بقدرت] جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً اى صيرها ذات ضياء للعالمين بالنهار لان المعنى لا يحمل على العين او خلقها وانشأها حال كونها ذات ضياء وأصله ضواء قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها والشمس مأخوذ من شمسة القلادة وهى أعظم جواهرها جرما وأنفسها قيمة وهى التي يقال لها بالفارسية [ميانگين] وانما سميت بذلك لتوسطها بين الكواكب كذا فى شرح التقويم وَالْقَمَرَ سمى بذلك لكون لونه بياضا فى صفرة يقال حمار اقمر إذا كان ابيض فى صفرة نُوراً اى ذا نور بالليل والضياء أقوى بحكم الوضع والاستعمال ولذا نسب الضياء الى الشمس والنور الى القمر. وعند الحكماء الضياء ما يكون بالذات كما للشمس والنور بالعرض كما على وجه الأرض فيكون نور القمر مستفادا من الشمس. يعنى ان القمر فى نفسه جرم مظلم صقيل يقبل النور فعند المقابلة يمتلئ نورا من الشمس بطريق الانعكاس فيقع ذلك الشعاع على وجه الأرض

الصفحة 12