كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 4)

وغيرهما في كثير من الأنكحة أنها تفسخ قبل البناء وتمضي بعده، وهل كانت نفسه مشمئزة منها أم لا؟
قال الوجه الثاني: أنكم بنيتم على أن اللازم في المسألة أعم من الملزوم فيه يصح ما قررتم ولم يظهر أن ذلك كذلك هنا؛ بل اللازم هنا مساو للملزوم، فإن الإرث اللازم للنكاح الصحيح هو إرث مخصوص لا الإرث مطلقا، وكذلك لو كان النكاح متفقا على تحريمه لم يترتب عليه إرث، ولو كانت الزوجة بنت عم الزوج ثم ماتت لورثها بالنسب لا بالنكاح كما أنه لو كان متفقا على حليته لترتب عليه الإرث المخصوص، ولو كانت الزوجة بنت عم الزوج، ثم ماتت لورثها بالسببين معا فليس اللازم للنكاح من حيث هو نكاح الإرث من حيث هو إرث؛ بل إرثا ما هو إرث النكاح، فإذا انتفى أحدهما في غير مسألة النزاع انتفى الآخر، وإذا ثبت أحدهما تبت الآخر فاللزوم تام كتمامه في قولنا إن كانت الشمس طالعة فضوء النهار موجود فينتج المطالب الأربعة فكذلك في مسألة النزاع، وإنما يستمر ما قلتم في العقليات كقولك: إن كان هذا إنسانا فهو حيوان، أما في الأمور الوضعيات فلا يستمر، إذ يجعل الشارع النكاح سببا في مطلق الإرث مطلقا، فإن مثل هذا عقلي، ولم يقصده الشارع.
قلت: حاصله أنه أبطل بزعمه ما ادعيناه من أن لزوم الإرث للنكاح لزوم أعم لأخص بادعائه أنه مساو له، واستدلاله عليه بدور انه معه ثبوتا في النكاح الصحيح، ونفيا في النكاح المجمع على فساده، وجوابه أنه إما أن يريد أنه مساو لمطلق النكاح غير المجمع على فساده، وإما أن يريد أنه مساو للنكاح الصحيح، فإن أراد الأول رد بالقول بموجبه، وبيانه أنا إنما جعلنا الملزوم المحكوم بنفيه النكاح الصحيح لا مطلق النكاح، وجعلناه ملزوما لمطلق إرث النكاح الأهم من كونه نكاحا صحيحا أو فاسدا، وهذا اللازم أعم من الملزوم المذكور ضرورة كون الملزوم المذكور مقيدا بالصحة؛ فقد بان أنه إن أراد أنه مساو لمطلق النكاح لم يكن معارضا لقولنا بحال، وإن أراد أنه مساو للنكاح الصحيح الذي هو الملزوم في قولنا منعنا ذلك، وسند المنع ما قررنا به كونه أعم، والموجب لتوهم كونه مساويا للنكاح الصحيح اعتقاد أن العقد الفاسد إذا وقع

الصفحة 43