كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 4)

الثاني: أن النكاح الفاسد مستلزم للإرث لا لعدم الإرث، ودليله ما قررناه من قاعدة المذهب في أن العقد الفاسد يوجب ترتب بعض ثمرات الصحيح عليه، ومن ثمرات الصحيح الإرث فلزم أو أمكن إيجاب هذا النكاح الفاسد الإرث، وأيا ما كان بطل كونه ملزوما لعدم الإرث.
قال: ثم قولكم في الجواب الأول أنه في بعض المسائل ليس كذلك يشعر بأنه كذلك في بعض، وقد أبطلتموه.
قلت: جوابه أن قوله: (وقد أبطلتموه) ليس كذلك؛ بل أثبتناه، وهو مقتضى جوابنا الثاني فتأمله.
قال: وأما الجواب الثاني فظاهره غير ظاهر، فإن اللوازم العقلية قد لا توجد مع وجود الملزومات لمانع كالنظر، فإن إفضاءه إلى العلم عقلي عندهم، وقد يوجد النظر ولا يوجد العلم لطرآن سهو أو قاطع غيره فلا يلزم في العقليات باطلا مطلقا.
قلت: حاصله نقض تخصيصنا انفكاك الملزوم عن لازمه باللوازم الشرعية دون العقلية باعتقاد عموم جواز الانفكاك في الشرعية والعقلية، واستشهاده على ذلك بمسالة النظر، وهذه مقالة من نظر وأنضف علم هل هي من المقالات التي يتردد الذهن في صحتها أو فسادها أو فضيحة نشأت عن التكلم بالهوى الحامل على رد ما لم يحط به الراد علما، ولو كان الأمر كما توهمه لبطل القياس الشرطي بنوعيه، وقد أجمع العلماء على إنتاج نوعه الأول والأكثر على نوعه الثاني، وهو الاقتراني، وكيف يفهم هذا السائل ما قرره الأئمة من المذهب الكلامي، والبرهان الإسلامي في قوله تعالى:} لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا {] الأنبياء:22 [، وقد جرى في كلام هذا السائل قوله: (اللازم المساوي ينتج المطالب الأربعة) وهذا يشعر بمشاركته في علم مقدمة مختصر ابن الحاجب الأصولي التي هي من أقل كاف في ذلك، وفيها مع غيرها كثرة ما نصه وشرط إنتاجه أن يكون الاستثناء بعين المقدم فلازمه عين التالي أو بنقيض التالي فلازمه نقيض المقدم، وهذا حكم كل لازم مع ملزومه وإلا لم يكن لازما، فقوله: (وإلا لم يكن لازما) نص في أن الانفكاك مانع من اللزوم، ومن نظر طرفا من المنطق علم صحة ما

الصفحة 45