كتاب الإحكام في أصول الأحكام - الآمدي (اسم الجزء: 4)

السَّابِعَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ قَدْ تَحَمَّلَ الرِّوَايَةَ فِي زَمَنِ الصِّبَى، وَالْآخَرُ فِي زَمَنِ بُلُوغِهِ، فَرِوَايَةُ الْبَالِغِ أَوْلَى لِكَثْرَةِ ضَبْطِهِ.
وَأَمَّا مَا يَعُودُ إِلَى التَّزْكِيَةِ فَتَرْجِيحَاتٌ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي لِأَحَدِ الرَّاوِيَيْنِ أَكْثَرَ مِنَ الْآخَرِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكَّى لَهُ أَعْدَلَ وَأَوْثَقَ، فَرِوَايَتُهُ مُرَجَّحَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ.
الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ أَحَدِهِمَا بِصَرِيحِ الْمَقَالِ، وَالْآخَرُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ أَوْ بِالْعَمَلِ بِرِوَايَتِهِ أَوِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ، فَرِوَايَةُ مَنْ تَزْكِيَتُهُ بِصَرِيحِ الْمَقَالِ مُرَجَّحَةٌ عَلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ تَكُونُ عَمَّنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِمَا يُوَافِقُ الرِّوَايَةَ، وَالشَّهَادَةُ قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِهَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لَهَا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِهِمَا، وَلَا كَذَلِكَ التَّزْكِيَةُ بِصَرِيحِ الْمَقَالِ.
الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ أَحَدِ الرَّاوِيَيْنِ بِالْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ، وَالْآخَرُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ، فَرِوَايَةُ الْمَعْمُولِ بِشَهَادَتِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الشَّهَادَةِ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى أَحْكَامِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الرِّوَايَةِ وَالْعَمَلِ بِهَا، وَلِهَذَا قُبِلَتْ رِوَايَةُ الْوَاحِدِ وَالْمَرْأَةِ دُونَ شَهَادَتِهِمَا، وَقُبِلَتْ رِوَايَةُ الْفُرُوعِ مَعَ إِنْكَارِ الْأَصْلِ لَهَا عَلَى بَعْضِ الْآرَاءِ، وَمِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ.
الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ أَحَدِهِمَا بِالْعَمَلِ بِرِوَايَتِهِ، وَالْآخَرُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ، فَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الْعَدْلِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِرِوَايَةِ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مَا يَرْوِي الْعَدْلُ عَمَّنْ لَوْ سُئِلَ عَنْهُ لَجَرَحَهُ أَوْ تَوَقَّفَ فِي حَالِهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ، فَاحْتِمَالُ الْعَمَلِ بِرِوَايَةِ غَيْرِ الْعَدْلِ أَقَلُّ مِنِ احْتِمَالِ الرِّوَايَةِ عَنْ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَاحْتِمَالُ الْعَمَلِ بِدَلِيلِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا، إِلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ عَنِ الْبَحْثِ التَّامِّ مَعَ عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَا يَعُودُ إِلَى نَفْسِ الرِّوَايَةِ فَتَرْجِيحَاتٌ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ مُتَوَاتِرًا وَالْآخَرُ آحَادًا، فَالْمُتَوَاتِرُ لِتَيَقُّنِهِ أَرْجَحُ مِنَ الْآحَادِ لِكَوْنِهِ مَظْنُونًا.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ مُسْنَدًا وَالْآخَرُ مُرْسَلًا، فَالْمُسْنَدُ أَوْلَى لِتَحَقُّقِ

الصفحة 245