كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
§بَابُ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ كَيْفَ حُكْمُهُمْ فِي ذَلِكَ؟ وَمَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ
5973 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ زَرَعَ زَرْعًا فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي ذَلِكَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ زَرْعًا بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ كَانَ ذَلِكَ الزَّرْعُ لِأَرْبَابِ الْأَرْضِ وَغَرِمُوا لِلزَّارِعِ مَا أَنْفَقَ فِيهِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: أَصْحَابُ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءُوا خَلَّوْا بَيْنَ الزَّارِعِ وَبَيْنَ أَخْذِ زَرْعِهِ ذَلِكَ وَضَمِنُوهُ بِنُقْصَانِ أَرْضِهِمْ إِنْ كَانَ زَرْعُهُ ذَلِكَ قَدْ نَقَصَ الْأَرْضَ شَيْئًا وَإِنْ شَاءُوا مَنَعُوا الزَّارِعَ مِنْ ذَلِكَ وَغَرِمُوا لَهُ قِيمَةَ زَرْعِهِ ذَلِكَ مَقْلُوعًا. وَقَدْ كَانَ لَهُمْ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرُوهُ فِي ذَلِكَ
وَهُوَ كَمَا قَدْ
5974 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ -[118]- عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَهُ نَفَقَتُهُ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ» وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ شَرِيكٍ وَقَيْسٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَذَكَرَهُ عَنْهُمَا فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَيْضًا لَا كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. فَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا غَيْرُ مَعْنَى مَا رَوَى الْحِمَّانِيُّ لِأَنَّ مَا قَدْ رَوَى الْحِمَّانِيُّ هُوَ قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي ذَلِكَ. فَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَهُ يُعْطِيهِ النَّفَقَةَ الَّتِي قَدْ أَنْفَقَهَا فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهُ الزَّرْعُ لَا بِمَا يُعْطَى مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا مُحَالٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ الَّتِي قَدْ أُخْرِجَتْ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ لَيْسَتْ بِقَائِمَةٍ وَلَا لَهَا بَدَلٌ قَائِمٌ وَذَلِكَ أَنَّهَا إِنَّمَا دُفِعَتْ فِي أَجْرِ عُمَّالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ فَعَلَهُ الْمُزَارِعُ لَهُ لِنَفْسِهِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَجِبَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إِلَّا بِعِوَضٍ يَتَعَوَّضُهُ مِنْهُ رَبُّ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ. وَلَكِنْ أَصْلُ الْحَدِيثِ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا قَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ لَا عَلَى مَا قَدْ رَوَاهُ الْحِمَّانِيُّ فِي ذَلِكَ. وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ الزَّارِعَ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الزَّرْعِ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ فَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُ الزَّرْعَ الَّذِي يَزْرَعُهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ أَوْ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ مِمَّنْ قَدْ أَبَاحَ لَهُ الزَّرْعَ فِيهَا وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ نَفَقَتَهُ وَبَذْرَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا بَقِيَ هَكَذَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ أَيْضًا. وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَيْضًا
مَا قَدْ
الصفحة 117