كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)

5798 - فَحَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: ثنا أَسَدٌ قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ , قَالَ: حَدَّثَنِي حَنَشُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّنْعَانِيُّ , أَنَّهُ كَانَ فِي الْبَحْرِ , مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ حَنَشٌ: فَاشْتَرَيْتُ قِلَادَةً فِيهَا تِبْرٌ وَيَاقُوتٌ , وَزَبَرْجَدٌ فَأَتَيْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ , فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَا تَأْخُذِ التِّبْرَ بِالتِّبْرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ , فَإِنِّي كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ , فَاشْتَرَيْتُ قِلَادَةً بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ , فِيهَا تِبْرٌ وَجَوْهَرٌ , فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَأْخُذِ التِّبْرَ بِالذَّهَبِ , إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ , غَيْرُ مَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ: وَذَلِكَ أَنَّ مَا حَكَى فَضَالَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ التِّبْرُ بِالذَّهَبِ , مِثْلًا بِمِثْلٍ , وَلَمْ يَذْكُرْ فَسَادَ الْبَيْعِ فِي الْقِلَادَةِ الْمَبِيعَةِ بِذَلِكَ إِذْ كَانَ فِيهَا ذَهَبٌ وَغَيْرُهُ. فَهَذَا خِلَافُ الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ. وَقَدْ رَوَاهُ آخَرُونَ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ
5799 - حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , أَنَّ عَامِرَ بْنَ يَحْيَى الْمَعَافِرِيَّ أَخْبَرَهُمَا , عَنْ حَنَشٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ فِي غَزْوَةٍ , فَصَارَتْ لِي وَلِأَصْحَابِي , قِلَادَةٌ فِيهَا ذَهَبٌ , وَوَرِقٌ , وَجَوْهَرٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهَا. فَسَأَلْتُ فَضَالَةَ , فَقَالَ: انْزِعْ ذَهَبَهَا , وَاجْعَلْهُ فِي الْكِفَّةِ , وَاجْعَلْ ذَهَبًا فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى , ثُمَّ لَا تَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ , فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ , فَلَا يَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» فَهَذَا خِلَافٌ لِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ , لِأَنَّ فِيهِ أَمْرَ فَضَالَةَ بِنَزْعِ الذَّهَبِ وَبَيْعِهِ وَحْدَهُ , وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ , إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ. فَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ , وَالْأَمْرُ بِالتَّفْصِيلِ مِنْ قَوْلِ فَضَالَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِذَلِكَ , عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ , الْبَيْعُ فِيهَا , فِي الذَّهَبِ , حَتَّى تُفْصَلَ. -[75]- وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِذَلِكَ , لِإِحَاطَةِ عِلْمِهِ أَنَّ تِلْكَ قِلَادَةٌ , لَا يُوصَلُ إِلَى عِلْمِ مَا فِيهَا مِنَ الذَّهَبِ , وَلَا إِلَى مِقْدَارِهِ , إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُفْصَلَ مِنْهَا. فَقَدِ اضْطَرَبَ هَذَا الْحَدِيثُ , فَلَمْ يُوقَفْ عَلَى مَا أُرِيدَ مِنْهُ. فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي , الَّتِي رُوِيَ عَلَيْهَا , إِلَّا احْتَجَّ مُخَالِفُهُ عَلَيْهِ , بِالْمَعْنَى الْآخَرِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي هَذَا الْبَابِ , كَيْفَ وَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ , وَأَنَّهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الَّذِينَ جَعَلُوا حُكْمَ الذَّهَبِ الْمَبِيعِ مَعَ غَيْرِهِ بِالذَّهَبِ، لَا عَلَى قَسْمِ الثَّمَنِ عَلَى الْقِيَمِ , وَلَكِنْ عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ مَبِيعٌ بِوَزْنِهِ مِنَ الذَّهَبِ الثَّمَنِ , وَمَا بَقِيَ مَبِيعٌ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

الصفحة 74