كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
5815 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَبْتَاعَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ هُوَ ضِدُّ الْغَلَاءِ. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «§لَا تَبْتَعْهُ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»
5816 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ أَبْصَرَ فَرَسًا تُبَاعُ فِي السُّوقِ وَكَانَ تَصَدَّقَ بِهِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْتَرِيهِ؟ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَشْتَرِهِ وَلَا شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ أَيْ مِمَّا يُنْتِجُهُ مِنَ الْوَلَدِ» فَمَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يَبْتَاعَ مَا كَانَ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ وَجَعَلَهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ. فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمُوجِبِ حُرْمَةِ ابْتِيَاعِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهَا وَلَكِنْ تَرْكُ ذَلِكَ أَفْضَلُ لَهُ. فَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا لِمَا ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَيْسَ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَكِنَّهُ لِأَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ
5817 - وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إِلَّا الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ» فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مِنَ الرَّجُلِ لِغَيْرِ وَلَدِهِ. قِيلَ لَهُ: مَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْتَ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِتَغْلِيظِهِ إِيَّاهُ لِكَرَاهِيَةِ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ مَثَلُ السُّوءِ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِذِي مَرَّةٍ سَوِيٍّ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَلَكِنَّهَا عَلَى مَعْنَى لَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ حَيْثُ تَحِلُّ لِغَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالزَّمَانَةِ. فَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا تَحِلُّ لَهُ الْأَشْيَاءُ الَّتِي قَدْ أَحَلَّهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ. وَلَمْ يَجْعَلْ لِمَنْ فَعَلَهَا مَثَلًا كَالْمَثَلِ الَّذِي جَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَائِدِ فِي هِبَتِهِ. وَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَوْدُ فِيهَا بِالرُّجُوعِ وَالِابْتِيَاعِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ. -[80]- فَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى إِبَاحَتِهِ لِلْوَالِدِ أَنْ يَأْخُذَ مَا وَهَبَ لِابْنِهِ فِي وَقْتِ حَاجَتِهِ إِلَى ذَلِكَ وَفَقْرِهِ إِلَيْهِ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لِلْوَلَدِ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ رُجُوعًا مِنْهُ يَكُونُ مَثَلُهُ فِيهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ الْمُتَرَاجِعِ فِي قَيْئِهِ. وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ أَوْجَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ لِفَقْرِهِ فَلَمْ يُضَيِّقْ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ
الصفحة 79