كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 4)

لا ينقطع إلا بتركها له وليس في بيعها ما يصيرها تاركة له وقد قيل في وجه الحكم في الأمر ببيعها مع أنه ليس من موانع الزنا أنه جواز أن تستغني عند المشتري وتعلم بأن إخراجها من ملك السيد الأول بسبب الزنا فتتركه خشية من تنقلها عند الملاك أو لأنه قد يعفها بالتسري لها أو بتزويجها
المسألة الرابعة هل يجب على البائع أن يعرف المشتري بسبب بيعها لئلا يدخل تحت قوله: "من غشنا فليس منا" فإن الزنا عيب ولذا أمر بالحط من القيمة يحتمل أنه لا يجب عليه ذلك لأن الشارع قد أمره ببيعها ولم يأمره ببيان عيبها ثم هذا المعيب ليس معلوما ثبوته في الاستقبال فقد يتوب الفاجر ويفجر البار وكونه قد وقع منها وأقيم عليها الحد قد صيره كغير الواقع ولهذا نهى عن التعنيف لها وبيان عيبها قد يكون من التعنيف وله يندب له ذكر سبب بيعها فلعله يندب ويدخل تحت عموم المناصحة
المسألة الخامسة في إطلاق الحديث دليل على إقامة الحد على الأمة سواء أحصنت أو لا وفي قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} دليل على شرطية الإحصان ولكن يحتمل أنه شرط للتنصيف في جلد المحصنة من الإماء وأن عليها نصف الجلد لا الرجم إذ لا يتنصف فيكون فائدة التقييد في الآية وصرح بتفصيل الإطلاق قول علي عليه السلام: في خطبته يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهن ومن لم يحصن رواه ابن عيينة ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب كما قال مالك وهذا مذهب الجمهور وذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يحد من العبيد والإماء إلا من أحصن وهو مذهب ابن عباس ولكنه يؤيد كلام الجمهور إطلاق الحديث الآتي
7- وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم " رواه أبو داود وهو في مسلم موقوف على علي رضي الله عنه وأخرجه البيهقي مرفوعا وقد غفل الحاكم فظن أنه لم يذكره أحد الشيخين واستدركه عليهما
قلت: يمكن أنه استدركه لكون مسلم لم يرفعه وقد ثبت عند الحاكم رفعه والحديث دل على ما دل عليه الحديث الأول من إقامة الملاك الحد على المماليك إلا أن هذا يعم ذكورهم وإناثهم فهو أعم من الأول ودل على إقامة الحد عليهم مطلقا أحصنوا أو لا وعلى أن إقامته إلى المالك ذكرا كان أو أنثى واختلف في الأمة المزوجة فالجمهور يقولون إن حدها إلى سيدها وقال مالك حدها إلى الإمام إلا أن يكون زوجها عبدا لمالكها فأمرها إلى السيد وظاهره أنه لا يشترط في السيد شرط صلاحية ولا غيرها قال ابن حزم يقيمه السيد إلا أن يكون كافرا قال لأنهم لا يقرون إلا بالصغار وفي تسليطه على إقامة الحد على مماليكه منافاة لذلك ثم ظاهر الحديث أن للسيد إقامة حد السرقة والشرب وقد خالف في ذلك جماعة بلا دليل ناهض وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن ابن عمر قطع يد غلام له سرق وجلد عبدا له زنى من غير أن يرفعهما إلى الوالي وأخرج مالك في الموطأ بسنده أن عبدا لبني عبد الله بن أبي بكر سرق واعترف فأمرت به عائشة فقطعت يده وأخرج الشافعي وعبد الرزاق بسندهما إلى الحسين بن محمد بن علي أن

الصفحة 10