كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 4)

هَجَوْتَ مُبَارَكًا بَرًّا حَنِيفًا ... أَمِينَ اللَّهِ شَيْمَتُهُ الْوَفَاءُ
أَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
فِإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
لِسَانِي صَارِمٌ لَا عَيْبَ فِيهِ ... وَبَحْرِي لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلَاءُ
[1] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَالَهَا حَسَّانُ قَبْلَ الْفَتْحِ.
قُلْتُ: وَالَّذِي قَالَهُ مُتَوَجِّهٌ لِمَا فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَيْتِ هُوَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ يُلَطِّمْنَ الْخَيْلَ بِالْخُمُرِ تَبَسَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
وَقَالَ أَنَسُ بْنُ زُنَيْمٍ الدُّئِلِيُّ يَعْتَذِرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا كَانَ قَالَ فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ- يَعْنِي لَمَّا جَاءَ يَسْتَنْصِرُ عَلَيْهِمْ- كَمَا تَقَدَّمَ:
أَأَنْتَ الَّذِي تُهْدَى مَعَدٌّ بِأَمْرِهِ ... بَلِ اللَّهُ يَهْدِيهِمْ وَقَالَ لَكَ اشْهَدِ
وَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا ... أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ
أَحَثَّ عَلَى خَيْرٍ وَأَسْبَغَ نَائِلًا ... إِذَا رَاحَ كَالسَّيْفِ الصَّقِيلِ الْمُهَنَّدِ
وَأَكْسَى لِبُرْدِ الْخَالِ [2] قَبْلَ ابْتِذَالِهِ ... وَأَعْطَى لِرَأْسِ السَّابِقِ الْمُتَجَرِّدِ
تَعَلَّمْ رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ مُدْرِكِي ... وَأَنْ وَعِيدًا مِنْكَ كَالْأَخْذِ بِالْيَدِ
تَعَلَّمْ رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ قَادِرٌ ... عَلَى كُلِّ صرم متهمين ومنجد
تعلم أن الركب ركب عويمر ... هموا الْكَاذِبُونَ الْمُخْلِفُو كُلِّ مَوْعِدِ
وَنَبَّوْا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي هَجَوْتُهُ ... فَلَا حَمَلَتْ سَوْطِي إِلَيَّ إِذَنْ يَدِي
سِوَى أَنَّنِي قَدْ قُلْتُ وَيْلُ امِّ فتية ... أصيبوا بنحس لا بطلق وأسعد
أصابهموا مَنْ لَمْ يَكُنْ لِدِمَائِهِمْ ... كِفَاءً فَعَزَّتْ عَبْرَتِي وتبلدي
وإنك قد أخبرت أنك سَاعِيًا ... بِعَبْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنَةِ مَهْوَدِ
ذُؤَيْبٌ وَكُلْثُومٌ وَسَلْمَى تَتَابَعُوا ... جَمِيعًا فَإِنْ لَا تدمع العين أكمد
وسلمى وسلمى ليس حتى كَمِثْلِهِ ... وَإِخْوَتُهُ وَهَلْ مُلُوكٌ كَأَعْبُدِ
فَإِنِّيَ لَا ذنبا فتقت ولا درقت ... تَبَيَّنْ عَالِمَ الْحَقِّ وَاقْصِدِ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى في يوم الفتح:
__________
[1] وقد زاد السهيليّ على هذه القصيدة أربعة أبيات.
[2] الخال من برود اليمن وهو من رفيع الثياب ولعله سمى بالخال من الخيلاء انتهى عن السهيليّ.

الصفحة 311