كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 4)

فلقينا العدو وتسامت الْخَيْلَانِ فَقَاتَلْنَاهُمْ فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «يَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» وَاقْتَحَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَسِهِ، وَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ أَخَذَ حَفْنَةً مِنَ التُّرَابِ فَحَثَى بِهَا وَجُوهَ الْعَدُوِّ وَقَالَ «شاهت الوجوه» قال يعلى ابن عَطَاءٍ فَحَدَّثَنَا أَبْنَاؤُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ قَالُوا: مَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا امْتَلَأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ مِنِ التُّرَابِ، وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً مِنَ السَّمَاءِ كَمَرِّ الْحَدِيدِ على الطست الحديد فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ نَحْوَهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا عَفَّانُ ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ابن زياد ثنا الحارث بن حصين ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ وَثَبَتَ مَعَهُ ثَمَانُونَ رَجُلًا من المهاجرين والأنصار، فنكصنا على أعقابنا نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ قَدَمًا وَلَمْ نُوَلِّهِمُ الدُّبُرَ، وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ السِّكِّينَةَ، قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ يَمْضِي قُدُمًا، فَحَادَتْ بِهِ بَغْلَتُهُ فَمَالَ عَنِ السَّرْجِ فَقُلْتُ لَهُ ارْتَفِعْ رَفْعَكَ اللَّهُ فَقَالَ «نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ تُرَابٍ» فَضَرَبَ بِهِ وجوههم فامتلأت أعينهم ترابا قال «أين المهاجرين وَالْأَنْصَارُ؟» قُلْتُ هُمْ أُولَاءِ قَالَ «اهْتِفْ بِهِمْ» فهتفت بهم فجاءوا سيوفهم بِأَيْمَانِهِمْ كَأَنَّهَا الشُّهُبُ وَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ أَدْبَارَهُمْ. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْقَنْطَرِيُّ ثَنَا أَبُو قِلَابَةَ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى هَوَازِنَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِثْلُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّا مِنْ حَصًى فَرَمَى بها في وُجُوهَنَا فَانْهَزَمْنَا وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَلَمْ يَنْسِبْ عِيَاضًا. وَقَالَ مُسَدَّدٌ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سليمان ثنا عوف بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أَمِّ بُرْثُنٍ عَمَّنْ شَهِدَ حُنَيْنًا كَافِرًا قَالَ: لَمَّا الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَرَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم لَمْ يَقُومُوا لَنَا حَلْبَ شَاةٍ، فَجِئْنَا نَهُشُّ سُيُوفَنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إذ غَشِينَاهُ فَإِذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رِجَالٌ حِسَانُ الْوُجُوهِ فَقَالُوا: شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَارْجِعُوا، فَهُزِمْنَا مِنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ثنا أبو سُفْيَانَ ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن عبد الله الشعبي عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بَدَلٍ النَّصْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ شَهِدَ ذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَعَمْرِو بن سفيان الثقفي قالا: انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فِلَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا عَبَّاسٌ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْضَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهِمْ، قَالَ فَانْهَزَمْنَا فَمَا خُيِّلَ إِلَيْنَا إِلَّا أَنَّ كُلَّ حَجَرٍ أَوْ شَجَرِ فَارِسٌ يَطْلُبُنَا، قَالَ الثَّقَفِيُّ: فأعجرت عَلَى فَرَسِي حَتَّى دَخَلْتُ الطَّائِفَ. وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي مَغَازِيهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ صهيب بن عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ الله يَوْمَ حُنَيْنٍ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ اسْمُهُ

الصفحة 332