كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 4)

حَيْثُ بِيعَتْ ثُمَّ خُيِّرَتْ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا أو إبقائه، فلو كان بيعها طلاقها لَهَا لَمَا خُيِّرَتْ، وَقَدْ تَقَصَّيْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ عَلَى إِبَاحَةِ الْأَمَةِ الْمُشْرِكَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ وَقَالُوا هَذِهِ قَضِيَّةُ عَيْنٍ فَلَعَلَّهُنَّ أَسْلَمْنَ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ وَمَوْضِعُ تَقْرِيرِ ذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَصْلٌ فيمن استشهد يوم حنين وبسرية أَوْطَاسٍ
أَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَيْمَنُ بن عبيد، وزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب ابن أَسَدٍ جَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْجَنَاحُ فَمَاتَ، وَسُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ، وَأَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ أَمِيرُ سَرِيَّةِ أَوْطَاسٍ، فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بُجَيْرِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:
لَوْلَا الإله وعيده وَلَّيْتُمُ ... حِينَ اسْتَخَفَّ الرُّعْبُ كُلَّ جَبَانِ
بِالْجِزْعِ يوم حيالنا أقراننا ... وسوابح يكبون للأذقاق
مِنْ بَيْنِ سَاعٍ ثَوْبُهُ فِي كَفِّهِ ... وَمُقَطَّرٍ بِسَنَابِكَ وَلَبَانِ
وَاللَّهُ أَكْرَمَنَا وَأَظْهَرَ دِينَنَا ... وَأَعَزَّنَا بِعِبَادَةِ الرَّحْمَنِ
وَاللَّهُ أَهْلَكَهُمْ وَفَرَّقَ جَمْعَهُمْ ... وَأَذَلَّهُمْ بِعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَيَرْوِي فِيهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ:
إِذْ قَامَ عَمُّ نَبِيِّكُمْ وَوَلِيُّهُ ... يدعون بالكتيبة الْإِيمَانِ
أَيْنَ الَّذِينَ هُمُ أَجَابُوا رَبَّهُمْ ... يَوْمَ الْعُرَيْضِ وَبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ:
فَإِنِّي وَالسَّوَابِحُ يَوْمَ جَمْعٍ ... وَمَا يَتْلُو الرَّسُولُ مِنَ الْكِتَابِ
لَقَدْ أَحْبَبْتُ مَا لَقِيَتْ ثَقِيفٌ ... بِجَنْبِ الشِّعِبِ أَمْسِ مِنَ الْعَذَابِ
هُمُ رَأْسُ الْعَدُوِّ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ... فَقَتْلُهُمُ أَلَذُّ مِنَ الشَّرَابِ
هَزَمْنَا الْجَمْعَ جَمْعَ بَنِي قَسِيٍّ ... وحلت بَرْكَهَا بِبَنِي رِئَابِ
وَصِرْمًا مِنْ هِلَالٍ غَادَرَتْهُمْ ... بِأَوْطَاسٍ تُعَفَّرُ بِالتُّرَابِ
وَلَوْ لَاقَيْنَ جَمْعَ بَنِي كِلَابٍ ... لَقَامَ نِسَاؤُهُمْ وَالنَّقْعُ كَابِي
رَكَضْنَا الْخَيْلَ فيهم بين بس ... إلى الأوراد تَنْحِطُ بِالنَّهَابِ
بِذِي لَجَبٍ رَسُولُ اللَّهِ فِيهِمْ ... كَتِيبَتُهُ تَعَرَّضُ لِلضِّرَابِ

الصفحة 340